للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فاستولف: إلى الوراء، ابتعدوا لا تقتربوا من الراحل البطل، الذي كنتم تخشون التقرب منه في الحياة.

برغندي: ماذا أرى؟ تالبوت الجليل متخبطاً في دمه.

(يذهب برغندي إليه، تالبوت ينظر إليه في تمعن وتفرس ويموت).

فاستولف: ابتعد يا برغندي. لا تقلق آخر لحظة من حياة البطل بمنظر خائن.

وقلما نجد في هذا الكتاب تلك (الكلمات النارية القوية) كما يدعوها الألمان كالتي نجدها غالباً في (اللصوص) لأن الهياج البركاني قد خف، فبدلاً من الحمم والدخان والشظايا المتطايرة نجد أشعة الشمس والعالم الزاهي. وهناك أمثلة مثيرة على هذا التبدل اللطيف في مناظر كثيرة من مؤلفه (وولنشتاين) وكل كتبه الدراماتيكية التي أعقبت ذلك، وخصوصاً في (وليم تيل) التي هي آخرها. وهذا التغير يمكن العثور عليه في الكيان الشعري في كل هذه المؤلفات، هذه المؤلفات التي تعتبر قصائد كاملة، وكان أملنا أن نوفيها حقها في الشرح، ولكن ضيق المجال منعنا من ذلك.

وأملنا كبير في القراء المتمكنين والشرح المعنيين بأن يلتفتوا إلى هذا. واهم المؤلفات الشعرية التي نظمها شلر هي (ليدر وبركلوش) و (رترتو غنبرغ) و (نشال التنيرة) و (الغواص) و (كراكي - يبكي) وكلها تمتاز بالروح الإغريقية الصميمة كأنها نفحة عطرية من نفحات قيثارة اخليوس العبقة، أو كأنها أغان ملائكية.

فلسفته وعقيدته الكونية

أما موهبة شلر الفلسفية وما توصل إليه في هذا المجال الحيوي فأمر يحتاج إلى كثير من الجدل وكثير من التفكير، وهذا ما لن نطرقه الآن بإسهاب. وقد سبق أن أشرنا إلى أنه كان يمتاز بقابليتين: فلسفية وشعرية. وكان تفكيره معروفاً بهاتين الصفتين، وكان عقله قوياً، نفاذاً، نظامياً ومدرسياً اكثر منه بدهياً، وكان هذا الميل واضحاً في جميع البحوث التي عالجها وفي أسلوب معالجته لها. وقد أثرت فلسفة التسامي التي ظهرت في عصره فيه تأثيراً كبيراً: وقد درس باعتناء زائد منهج (عمانوئيل كانت) الفلسفي، ويظهر أنه لم يعترف به وحسب، بل إنه اعتنق تعاليمه الرئيسية، ولكنه مع ذلك صاغها بأسلوبه الخاص لدرجة أنها أصبحت فلسفته الخاصة وخرجت عن كونها فلسفة (كانت). وكثير ممن لا

<<  <  ج:
ص:  >  >>