ليساعدهم في تفهم كثير من المشكلات، كانت تبدو أمامهم معقدة غير واضحة، وكانت هذه العلوم أداة ليصبح عندنا نحو مقارن يرفع الستر عن قصة النحو العربي، متى نشأت، وكيف، وعلى يد من؟. . . ولأي المؤثرات تعرضت. وقل الأمر نفسه عن البلاغة وفقه اللغة، وعن الأدب أيضا.
ولكن البلاغة والنحو والصرف وفقه اللغة والأدب، ليست هي كل التراث الإسلامي، فهناك الفلسفة، وهناك التاريخ، وهناك الشريعة، وما يتصل بهذه العلوم أو يتفرع عنها، وهي علوم محور التبريز فيها أن يكون الدارس لها عارفا باللغة العربية أولا. ولسد هذا الفراغ وتهيئة المجال أمام الراغبين في هذا النوع من الثقافة الإسلامية، رؤى أن تتولاه دار العلوم تبعا، لتحرير بحثه ومادته من سلطان المستشرقين بعد أن ظل وقفا عليهم، مع الانتفاع بنهجهم ومذهبهم في التقعيد والاستنتاج، على أن يتخصص الطلاب في واحدة منهما؛ لتكون إفادتهم كاملة، فكانت شعب التاريخ والفلسفة والشريعة، بجوار الثقافة العربية الأخرى. ولتثبيت هذا المعنى في أذهان الطلاب وتقويته، وليأخذ صبغته القانونية، رؤى أن تكون براءتهم إذا تخرجوا (الليسانس في اللغة العربية وآدابها والدراسات الإسلامية).
ومضى الركب في طريقه. . .
ثم أذيع أن عميد كلية دار العلوم الأستاذ إبراهيم اللبان، دعا مجلس جامعة القاهرة، إلى تدعيم (معهد اللغات الشرقية) التابع لكلية الآداب، بجعله مستقلا على أن يكون للدراسات الشرقية كلها، أدبا ولغة، تاريخا وحضارة، واستبشر الطلاب والدارسون من وراء دعوته خيرا حين تلقفوها من أفواه الصحف ولكن. . . سرعان ما أعجلتهم الحقيقة، فأخبتت فيهم الأمل، وغاضت البشرى، ذلك أن العميد سبب دعوته، بأن مفتشي اللغة لعربية في وزارة المعارف، يشكون ضعف خريجي دار العلوم الكلية في النحو والصرف، وعزى ذلك إلى مزاحمة اللغات السامية والشرقية فدعا إلى إلغائهما، بل وارتأى ألا حاجة إلى دراسة التاريخ والفلسفة أيضاً ففكر في استبعادهما!
لن أرفع عن زملائي وأندادي تهمة الضعف، فنحن، ما زلنا طلابا رغم التخرج. ولن نزعم لأنفسنا العلم أبدا، فنحن في أول الطريق ومن سار على الدرب وصل. ولن نقول للعميد إن التدريس لتلاميذ الابتدائي والثانوي لا يحتاج إلى مزيد علم، ولا يصلح مقياسا لقوة أو