النجدة) جاء فيها (أن الأدب أجل من أن يطلب النجدة؛ فهو يفرض نفسه فرضا ويخلق له متتبعين إذا قدم لهم وجبات ممتعة فلا يطعمون العدس في كل وجبة.
. . ليس للأديب أن يجأر بالشكوى وهو قابع في صومعته فارضا نفسه غير مسؤول إلا إذا أنجد، فأين البضاعة المعروضة ليصح الطلب؟
إن الأدباء عندنا هم من الشعور بضعف واقعهم بحيث يستترون ثم يروحون ينعون على الجمهور ذوقه وتقصيره.
لم ينكب الأدب إلا الأدب نفسه، فمع قلة البضاعة أضحى البعض قراصنة يستولون عنوة على مال الناس بوسائل شتى ضاربين خير الأمثلة للناشلين.
حوشوا من هذا الحقل هذه الطفيليات فإن الأدب يحتضر. لقد أفزعنا أن نطالع بعض آثار أدبائنا فإذا هم ومحطة الإذاعة سواء بسواء).
والقضية التي يعرضها الكاتب هي قضية الأدب في كل مكان. على الأديب أن ينطلق في الحياة فلا يقبع في برجه العاجي ليكتب للناس من خياله. إن الأدب الواقعي هو الذي ينبع من آلام الناس وآمالهم ورغباتهم وأهدافهم. إن بعض الأدباء الذين أحسوا بأن أسماءهم قد لمعت، نسوا ماضيهم، وتبلد نشاطهم، وفترت حيويتهم ومن ثم جاءت آثارهم الجديدة غاية في الضعف.
ذكرى شكيب أرسلان ومحمود سامي البارودي
تقع في هذا الأسبوع ذكرى رجلين من كبار الرجال في الشرق. . . هما شكيب أرسلان وسامي البارودي. لقد ترك كل منهما من ورائه ذكرا مرفوعا وأثرا قويا في عالمي الأدب والسياسة.
أما شكيب أرسلان فقد عاش حياته مهاجرا. كان مظهرا من مظاهر الشرق الحية في الغرب، وكان منارا لكل شرقي في قلب أوربا. وما من مجاهد أو زعيم أو زائر قصد إلى هناك إلا وأحس بمدى الأثر الضخم الذي يفيضه على الشرقيين هناك.
وكانت الصحف لا تنشر له الفصول الضافية في الأدب والاجتماع والسياسة، وهو الذي علق على كتاب حاضر العالم الإسلامي فأضاف إلى ذلك السفر الصغير فصولا عن حياة المسلمين في مصر والمغرب والعراق وسوريا والهند وإندونيسيا. . غاية في القوة