قال ابن حجر:(قال الخطابي وغيره: قيل له الاستهام لأنهم كانوا يكتبون أسمائهم على سهام إذا اختلفوا في الشيء، فمن خرج سهمه غلب)
وكان من خبر هذا الأذان الذي حدثت فيه القرعة، ما رواه البيهقي عن ابن شبرمة قال:(تشاجر الناس في الأذان بالقادسية فاختصموا إلى سعد فأقرع بينهم). وكان المسلمون في الصدر الأول يعدون الأذان أمرا خطيرا يسعون إليه، ويحفظون في ذلك ما واه أبو هريرة من قوله صلى الله عليه وسلم:(لو يعلم الماس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لا ستهموا، والمراد بالنداء في هذا الحديث هو الأذان.
وروى الطبري في تاريخه حادث هذا الأذان رواية عن عبد الله بن شبرمة عن شقيق قال: (اقتحمنا القادسية صدر النهار فتراجعنا وقد أتى الصلاة، وقد أصيب المؤذن، فتشاح الناس في الأذان حتى كادوا أن يجتلدوا بالسيوف، فأقرع سعد بينهم، فخرج سهم رجل فأذن). وسعد هذا هو سعد بن أبي وقاص.
٦ - وقال ابن سيرين حين بلغه أن عمر بن عبد العزيز أقرع بين الفطم:(ما كنت أرى هذا إلا من الاستقسام بالأزلام.)
فأنت ترى أن القرعة تمت بسيب إلى الاستقسام والأزلام، ولكنها لا تمت إليه بسبب الحرمة، إلا أن يترتب عليها ضياع حق مشروع، أو تطاول إلى معرفة الغيب وادعائه. أما إذا جعلت وسيلة لفض نزاع، أو تخل عن مسئولية المحاباة والأيثار، أو لاستعلان البراءة عن الميول الشخصية، فلا ريب أنها في تلك الحال تكون أمرا مستحسنا
القرعة في الكتب الدينية القديمة
قد مر من طرق القرعة ما كان من أمر زكريا ويونس عليهما السلام، وكان في الآيتين الكريمتين اللتين وردتا بشأنهما حجة من حجج الأئمة الأربعة في تجويز القرعة بناء على القاعدة تقول:(شرع من قبلنا شرع لنا).
وكانت القرعة عند الإسرائيليين بمثابة استدعاء للأمر الإلهي في القضايا التي تعرض لهم. جاء في سفر الأمثال (١٦: ٣٣): (القرعة تلقى في الحضن ومن الرب حكمها). وهذه الكلمة تسجل أيضاً صورة من صور مزاولة القرعة التي تلقى بها القرعة في أحضان المتقارعين.