ولكنه لا يرضى أن يجعل لكلمة (باكستان) شكلا واحدا معينا في جميع المواضع من مقالاته تفاديا - على ما نظن - من سآمة القراء منه، فتارة يسبغ عليها جبة فضفاضة من الألف واللام، وأخرى يجردها حتى تتنفس في الهواء الطلق وتستحم من تعب الجبة.
هذه بعض الشواهد على ما قلنا آنفا. فنسأل إخواننا الكتاب والأدباء الأفاضل: لماذا هذا التشتت والاختلاف في مسألة كانت أحرى أن تكون موضع اتفاق للجميع!
أما ما نعلم في هذه المسألة فهو أنه من الثابت المحقق - أولاً - أن باكستان من الأعلام الأعجمية التي تمنع من الصرف أو التنوين وذلك على قاعدة النحو القائلة بأن العلم يمنع من التنوين أو الصرف.
(١) إذا كان أعجميا غير ثلاثي ساكن الوسط
(٢) إذا كان مركبا مزجيا غير مختوم بكلمة ويه
وباكستان ولا شك علم أعجمي غير ثلاثي ساكن الوسط، كما أنها مركب تركيب المزج من (باك) و (استان) ومعنى الأول الطاهر، ومعنى الثاني الأرض أو البقعة، ومعنى المركب البقعة الطاهرة. والمعلوم أن من عادة العرب أنها لا تعرف بالألف واللام - في أغلب الأحوال - الأعلام الأعجمية التي تمتنع من الصرف، مثل لندن ونيويورك وأمريكا وآسيا وليفر بول وبتروغراد ودبشليم وبيدبا. . . بل ترسلها مجردة منهما. وأما ما كان ينصرف من تلك الأعلام الأعجمية لكونه ثلاثيا ساكن الوسط، فالعرب تارة تحليه بالألف واللام كالصين والهند، وأخرى ترسله عاطلا كنوح وشيث، والأمر كله يقف على سماع القوم.
هذا من جهة قواعد النحو. والذي قد استخرجناه من كتابات اللغويين المحققين والكتاب المتحفظين - حفظهم الله - في هذا العصر، أمثال الأستاذ أحمد حسن الزيات في مصر، والأستاذ محمد البشير الإبراهيمي في الجزائر، والأستاذ مسعود الندوي في باكستان، فهو أن كلمة (باكستان) قد أغناها الله عن التنوين وعن الألف واللام. ولا بد أن يكون عليه أساتذة العراق والشام ممن لم نطلع على استعمال (باكستان) في كتاباتهم.
ذلك ما عندنا في هذا الباب، ويا حبذا لو يتفضل أحد أساطين النحو والبلاغة في بلاد العروبة فيأتي بحكم قاطع في هذه المسئلة، حتى لا تبقى باكستان موضع خلاف ونقاش بين الكتاب والأدباء من الناطقين بالضاد، وهي دولة ناشئة ميمونة ينبغي أن تأتى مؤلفة بين