يرجع الفضل في وجود ذلك العدد الضخم من التماثيل المصرية القديمة التي بلغ بعضها حد الإتقان الفني، مما جعلها تعتبر أجمل أمثلة النحت في العالم، لأنها تتوخى بساطة وإنسانية عبر عنها في يسر ورشاقة. وفن النحت يحتاج إلى أحجار ومعادن، فجد الفراعنة في سبيل استخراج هذه الأحجار والمعادن من المحاجر والمناجم التي نظم استقلالها، وأصبحت تشغل كثيرا من الأيدي العاملة، وتدر على خزانة الدولة مالا وفيرا.
لقد كانت عقيدة البعث الباعث الأول على وضع أسس كثير من العلوم والفنون والآداب. ولقد كانت الديانة الفرعونية تقدم الحوافز والأفكار التي هيأت وضع أصول العلوم الرياضية، ومهدت السبيل لتقدم الطب وفن الجراحة، وساعدت على رقي فن البناء وفن الرسم والنقش والتصوير، وفن النحت، وأدت إلى اختراع الكتابة وظهور الآداب الدينية، ودفعت إلى اكتشاف صناعة الورق وتنظيم استقلال المحاجر والمناجم. فكان لهذا الباعث الديني الفضل الأول في قيام الحضارة الفرعونية، بل كان السبب الوحيد في اطراد نموها وتطورها، وظلت هذه الحضارة محافظة على كيانها آخذة في الرقي والتقدم، ما دامت تستوحي عقيدة البعث، وتستلهم الإيمان بخلود الروح، ولكنها اضمحلت حين بدأت تخبو العقائد الدينية في النفوس، وأصبح لا سلطان لها على القلوب.
ويؤمن المصريون بدين جمع شمل العرب، ووحد قبائلهم، وكون منهم دولة، حفزها للخروج من شبه الجزيرة العربية في سبيل إعلاء كلمة الله، فاستطاع العرب على قلة عددهم وعددهم من أن يدركوا أمما عريقة في المدينة، وأن يهزموا شعوبا ظلت قرونا تسيطر على العالم، وذلك لأن الدوافع الدينية ملكت قلوبهم، وغرس الإسلام في نفوسهم روح الاستشهاد، فبذلوها رخيصة حبا في نصرة دين خاتم الأنبياء، وبغية الفوز بالجنة يوم نبعث أجمعين.
وظلت أفئدة المسلمين تطوف بالقرآن الكريم سابحة في ملكوت آياته البينات، تحرص عليها حرصها على أعز ما تملك. فلم يتوانوا في تدوين القرآن، ولم يفرطوا في العناية بلغته، فكانت اللغة العربية اللغة الرسمية في جميع أرجاء الإمبراطورية الإسلامية، وسارعوا بوضع قواعد النمو العربي بضبط قراءة القرآن وفهم معانيه. ولما انشغل علماء اللغة بإظهار ما في القرآن من إعجاز بلاغي ألفت الكتب في البلاغة العربية، ولما شغفت