إن الإسلام كان على الدوام يعاون العلوم التي تخدمه، ولم يوجه المسلمون أية عناية جدية لعلم من العلوم إلا إذا كان يدعم أحكام الإسلام. وكذلك لم يعاون الإسلام فنا من الفنون إلا إذا هدف إلى نشر تعاليمه. وما اهتم المسلمون ببعض الفنون إلا لأنها تحقق فرائض دينهم، وتهيئ السبل لأداء عباداته. وإن لم يكن للعرب قبل الإسلام فن يذكر، إلا أنه لم يكد يحس المسلمون بحاجتهم إلى أماكن لإقامة فريضة الصلاة حتى بدأ يبزغ الفن الإسلامي في الوجود، وأخذ يترعرع في رحاب المساجد بيوت الله، فبعد أن كانت المساجد الأولى مجرد أبنية بسيطة أعدت للصلاة والوعظ؛ سرعان ما تطور الفن المعماري الإسلامي، وأصبح من بين المسلمين فنانون مهرة، أقاموا كثيرا من المساجد والأبنية الدينية كالمدارس والتكايا ذات المصلى! معبرين فيها عن أفكار هندسية تنم عن بصيرة فنية حاذقة. لقد شيدت معظم المساجد على نظام تقليدي أوحاه الإسلام، فأصبح كل مسجد يشتمل على منبر ومحراب وصحن وإيوان وقباب ومئذنة، وكلها تقريبا من إبداع القريحة الإسلامية الفنية.
ولما توخى المسلمون في بناء المساجد أن تكون فخمة رائعة مهيبة، لتدل على ما في الإسلام من عظمة وقوة، زينت جدران المساجد بنقوش وزخارف، فبرع المسلمون في الحفر. على الأحجار وفي رسم الزخارف خصوصا الزخارف الهندسية، وفي نقش الآيات القرآنية بخطوط جميلة خلابة تظهر فن الخط العربي.
وهكذا أخذت ترتقي شتى العلوم والفنون التي كان لها علاقة وثيقة بالإسلام والقرآن، عندما كانت العقيدة الدينية قوية في النفوس، بينما خبا نور الإيمان، فضعف الوازع الديني وهزل الحماس للإسلام، وتدهورت جميع العلوم والفنون التي بعثها واحتضنها حتى بلغت مرتبة ممتازة من الكمال، مما أدى في النهاية إلى انحطاط الحياة الثقافية، واضطراب أحوال المسلمين، لأن سر قوة المسلمين تكمن دائما في العمل على قوة الإسلام.
نحن المصريين أحفاد الفراعنة الذين أنبتت عقيدة البعث مشاعرهم الدينية، وأمدت عقولهم بطاقات خارقة لم تتوان في ابتكار مجد حضاري يجد العلماء لذة فائقة في التنقيب عنه. ونحن المصريين نؤمن بدين الإسلام باعث حضارة العرب وخالقها، وحملت الشعوب الإسلامية مصر لواء الإسلام وارتضت زعامتها الدينية والثقافية. فنحن المصريين إذا