للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه لا تعجب الناقد، فيغفل جميع ما تقدمها من تمهيد، وما أعقبها من استنتاج ليخرج بدعوى عريضة جوفاء لن تجد من يطمئن إليها في كثير أو قليل!

والمؤلم المدهش أن الأستاذ عز الدين لا يفهم هدف الكتاب المنقود ورسالته فهو يحتم على مؤلفه أن يسهب في شرح البيعة لعلي وأن يفيد من التحليل الرائع الذي كتبه العقاد في عبقرية الإمام، وأنني ستجدني مضطرا أن أنبه الناقد إلى أن كتاب العدالة ليس كتاب تاريخ تراجع فيه مسائل البيعة والخلافة؛ فتذكر فيه مزايا علي كرم الله وجهه ومثالب معاوية الخلقية، ولكنه يحتاج إلى التاريخ بالقدر الذي يسعف بالحجة وينهض بالذليل، فكيف يفرض الناقد على المؤلف أن يندفع إلى استطراد متكلف لا يعنيه.

ويخيل إلى أن الناقد الألمعي لا يعرف شيئا عن الروح الإسلامية التي تغمر العالم الإسلامي الآن، فقد نسى المسلمون قوميتهم الضيقة وجعلوا الإسلام وطنهم الأول، وقامت جمعيات الإخوان المسلمين في شتى عواصم الممالك الإسلامية بمجهودها الناجح في هذا المضمار. والناقد الطلعة يجهل ذلك قطعا، فيتساءل عن الشخصية المصرية في القرنين الأول والثاني من الهجرة وعن الشخصية المصرية الحديثة، وعن الشخصية الهندية أيضاً (كذا)! كأن باكستان لم تشرق شمسها على الآفاق، ثم يتذرع بالمنطق التاريخي الموهوم فيسأل عن سر الحملة التي توهمنا بأننا تنكبنا الإسلام في حياتنا وروحنا نقتبس من هؤلاء وهؤلاء! أي والله، إنها توهمنا فقط أننا تنكبنا الإسلام؟! وإذا كان الناقد لا يعتقد مع الواهمين بأننا تنكبنا الإسلام عدة قرون، فلماذا يتحدث الآن عنه؟

وقد أخذ الأستاذ عز الدين يتحدث عن الصحافية التي تتمثل في جميع مؤلفات قطب، وعن مصادره الثانوية التي لا تصل إلى المراجع الأولى بحال، وأنت تسأل عن المصادر الثانوية هذه، فتجدها تتمثل في الكتب الحديثة مهما بلغت في الدقة والتمحيص! كأن كل مؤلف حديث لا يجوز أن يرجع إليه ألبتة!! وهذا رأي نسمعه لأول مرة، ونكتفي بتسجيله دون التعقيب عليه. فإذا سألت الناقد عن مظاهر الصحافية كما يفهمها وجدتها تتمثل فيما سماه بالأساليب الخطابية، والعبارات الطنانة!! مما لا يصبح في كتاب يستهدف إلى البحث العلمي السليم. وأحب أن ألفت الناقد إلى أن كتاب العدالة - فوق منزلته العلمية - ذو رسالة عملية، فقد ألفه كاتبه ليحدث انقلابا شعوريا عاصفا. وليطر بالنفوس الذليلة إلى آفاق

<<  <  ج:
ص:  >  >>