للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الطفل الأحمر الشعر.

ولم يكن جوليان قد استرجع إلى الآن سيطرته على نفسه فقال وهو شارد الذهن: (أهذا هو؟)

قال صاحب المنزل: (هو ابن المربية، وهي فقيرة مسكينة وقد كان زوجها موظفا شريفا، فإن كان في وسعك. . .) فصاح جوليان مقاطعا: (مستحيل مستحيل! أرجو أن تعذرني يا فيليب ألكسيفنش فلا توجد محال خالية، وفي قوائم المرشحين نحو عشرة أحق منه. . . إنني آسف)

فقال صاحب المنزل: (مسكين! مسكين!)

قال جوليان (إنه شقي شرير. اخرج من هنا أيها الوغد الصغير. لماذا بقيت حتى الآن؟ اخرج إلى سائر الأطفال)

ونظر إلي نظرة جانبية وهو عاجز عن السيطرة على نفسه وأنا أيضاً عاجز عن السيطرة على نفسي، فضحكت في وجهه ساخرا منه، فالتفت إلي المضيف وسأله بصوت يكفي لبلوغ مسمعي عمن عسى أن أكون. وتهامس الرجلان وخرجا من الغرفة غير مباليين بي.

واهتز جسمي من شدة الضحك وخرجت أيضاً إلى الغرفة الأخرى. وهناك رأيت الرجل العظيم محاطا بالآباء والأمهات وهو يتكلم باهتمام مع سيدة قدمت إليه في تلك اللحظة. وكانت تلك السيدة ممسكة بيد الطفلة، وكلام جوليان كله إطراء للطفلة وثناء عليها، فهو يتنقل من مدح جمالها إلى مدح مواهبها إلى مدح تربيتها والأم تصغي إليه ولا تكاد تمنع دموع السرور أن تفيض، والأب يبدي علامة لشكره ابتسامة عذبة.

وكان السرور شاملا فاشترك فيه كل إنسان حتى الأطفال، ووقفوا اللعب حتى لا يشوشوا على المتحدثين. وسمعت أم الطفلة وهي تتخير المنتقى من اللفظ في مخاطبة ذلك الرجل داعية إياه أن يتنازل فيشرف منزلها بالزيارة، وسمعته يقبل الدعوة في تحمس لا يحاول أن يخفيه ثم تجمع المدعوون من أرجاء الغرفة مقلبين نظرهم بين والدة الفتاة وبين جوليان.

وسألت جارى بصوت عال سمعه الجميع: (هل هو متزوج).

فنظر إلي جوليان نظرة مسمومة وقال لي جارى: (كلا) ولكن سؤالي وإن أجاب عنه سلبا قد أثار اهتمام الجميع.

<<  <  ج:
ص:  >  >>