للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثمرة العقيدة ولا وليدة الإيمان، وإنما كانت إرضاء خالصاً وامتثالاً صادقاً لاتجاهات السياسة الأمريكية؛ هذه السياسة التي تساعد كل استعمار على استعباد الأحرار. . تهمة عجيبة قد تجوز على الذين لا يفرقون في القضايا المنطقية بين كذب النتائج وصدقالمقدمات: سارتر ليس شيوعياً، والشيوعية الروسية ضد الرأسمالية الأمريكية، وإذن فسارتر أمريكي العواطف بلا جدال! هذه القضية المنطقية تصح وتستساغ إذا صحت هذه القضية الأخرى واستساغتها الأذهان: أنت لست غنياً، والغنى كما لابد أنتعرف ضد الفقر، وإذن فأنت فقير بلا مراء! ونترك هذا الاتهام (المنطقي) لنقول ونحن نعني ما نقول: إن سارتر الذي هاجم الشيوعية من أجل حرية الفرد قد هاجم من أجل هذه الحرية نفسها (عدالة) الأمريكيين. . عدالة الأمريكيين في معاملة الزنوج وتعريضهم لكل مظهر من مظاهر الهوان!!

خيانة لشرف الثقافة. . ومن الخيانة لشرف الثقافة أيضاً أن يتحول سارتر عن موقفه بالأمس ليكون نصيراً للحزب الشيوعي الفرنسي في هذه الأيام! تحول عن موقفه لأنه لا يريد أن يتحول عن مبادئه؛ مبادئه التي فرضت عليه أن يدافع عن حرية الفرد ولو كانت حرية الخصوم. . لقد وقف زعيم الوجوديين إلى جانب الشيوعيين في فرنسا حين تعرضوا لألوان متعددة من التعسف وضروب مختلفة من الاضطهاد، تمثلت في اعتقال زعمائهم تارة وتفتيش دورهم تارة أخرى ومصادرة آرائهم تارة ثالثة! ومع هذا كله يغالط أنصار الشيوعية محاولين أن يوهموا الناس بأن سارتر اليوم قد أفاق؛ قد استيقظ من سبات عميق؛ قد أمن بعد كفر واهتدى بعد ضلال؛ قد حافظ على شرف الثقافة بعد أن خانها بالأمس خيانة منقطعة النظير. . قالوها حين دافع في فرنسا عن حرية كل فرد في الأُسرة الشيوعية وحين دافع في فينا عن حرية كل فرد في الأُسرة الإنسانية، هناك حيث وقف في مؤتمر الشعوب ليزلزل بكلماته أفكار دعاة الحرب الأمريكيين!!

إن جان بول سارتر لم يخن شرف الثقافة، وإنما الذي خان هذا الشرف هم هؤلاء الذين يشوهون الحقائق، ويضللون القراء!!

فرانسوا مورياك وجائزة نوبل:

في مثل هذا اليوم من العام الماضي وفي مجلة (الكتاب)، كتبنا مقالاً عن (الأثر الفني بين

<<  <  ج:
ص:  >  >>