للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المدارس في التعبير أو في المظاهر الشكلية للرسم والنحت والموسيقى دليل على القلق الذي ألم بالحياة والنفس في العصور الحديثة؛ ورغبة الناس في تلمس نوع من الاستقرار النفسي. فتشعب المذاهب الفنية تعبير عن هذا القلق وبيان عن الرغبة في تحقيق الاستقرار بالثورة على التقاليد الفنية.

تحديد التراث الأوربي في دراسة أعلامه

تساءل المستر (ويليام باريت) صاحب مجلة (بارتيسان ويفيد) لسان الطليعة في الأدب الأمريكي قائلا: ما هو الإنتاج الذي سيعرف به الأدب الغربي الحديث؟ واتخذ المستر باريت أربعة من عظماء الأدب الأوربي المعاصر علماً على هذا الإنتاج هم: (بودلير) و (بول فاليري) الفرنسيان و (رينر ماريا ربلكه) الشاعر التشيكوسلوفاكي و (بنديتو كروتشي) المفكر الإيطالي الذي توفي في الشهر الماضي ويعتقد هذا الكتاب الأمريكي بأن من الصعب تحديد الإنتاج الخالد في الأدب الغربي الحديث؛ ولكن في استطاعة مؤرخي الأدب الغربي أن يتخذوا هؤلاء الأعلام الأربعة موضوعاً لهذا التحديد.

أما (بودلير) فالرأي بين النقاد السكسونيين وفي طليعتهم الشاعر العظيم (ت س. اليوت) أن بودلير في قرارته شاعر مسيحي برغم ما يشتم في كتاباته من إلحاد. وجدير بالذكر أن (جول بول سارتز) الفرنسي يخالف النقاد السكسونيين في (مسيحية) بودلير ويؤكد ذلك في دراسات نشرها مؤخرا عن مواطنه بودلير. وسارتر في دراسته الأخيرة يجرد بودلير من معظم المزايا الأدبية والروحية التي وفرت له مكانته المرموقة في الأدب الغربي الحديث.

ويصف النقاد السكسونيون (بول فاليري) بأنه شاعر يلعب في شعره بالمعادلات الرياضية ولذلك يتصف نظمه بالبرود والجفاف.

ولعل وصف فاليري بالجفاف الأدبي يعود إلى الثقافة العميقة التي توفرت لهذا الأديب الفرنسي الفحل، فطغت على إحساسه الشعري وقيدت بعض الأحاسيس الشاعرية الرقيقة التي لا بد أن تنزوي في استحياء أمام الإدراك الثقافي العميق.

أما عبقريةالشاعر التشكوسلوفاكي (رينر ماريا ربلكه) فلم تحظ بالدراسة والنقد العميق. فإذا جاز لنا أن نأخذ النقد الأدبي على أنه صنعة تهدف إلى إبراز العيوب أكثر مما تهدف إلى الإشادة بالإبداع الفني، فان النقاد حين يعالجون شعر (ربلكه) يميلون إلى اتهامه بالقصور

<<  <  ج:
ص:  >  >>