للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مشكوكا في اتحاد أبنائها في الذكريات والآمال والإرادة العامة؟ أم كتلة من أربعمائة مليون؟

هذا ومن المفهوم المعلوم من الدين ومن العقل ومن الماضي بالضرورة أننا لا نتخلىعن هؤلاء العرب غير المسلمين ولا نعدهم غرباء عنا، بل هم إخواننا ما أحبوا أخوتنا، لهم ما لنا وعليهم ما علينا. وهذي نصوص ديننا وهذي وقائع تاريخنا، شاهدة على دعوانا. فلا مجال لإثارة العصبيات، والإفساد بين الإخوان، من هذه الناحية، فلا يطمع في ذلك المفرقون المفسدون.

وبعد فما هي حدود الاتصال بين العربية والإسلامية؟

من الوجهة المبدئية

أما الإسلامية فمعروفة واضحة، وللمسلم تعريف شامل وحد منطقي، فما هو حد العربي الذي يشمل الأفراد ويخرج الأضداد؟

أني لم أجد لدعاة العربية إلى اليوم هذا التعريف الجامع المانع للعربي. من هو العربي؟ أما من عرفنا من قومي العراق، فإن العربي عندهم هو عربي النسب، أي أنهم على مذهب أصحاب العنصرية ومقتضى ذلك أن يكون بشار مثلا شاعرا فارسياً، وأبن الرومي شاعرا يونانياً، بل إننا لو ذهبنا هذا المذهب لكان ملك الإنكليز غير إنكليزي، ولكان من الواجب الحجر عليه خلال الحرب الماضية لأنه من رعايا الألمان؟

ومن منا اليوم يستطيع أن يرتفع بنسبه إلى ربيعة أو إلى مضر، أو إلى أي فرع من فروع الشجرة العربية، إلا أن يكون نسباً ملفقاً كأكثر أنساب الأشراف الذين منحوا الشهادة بان منهم الملك الصالح. . فاروق!

وأما من عرفنا من قومي الشام فإن لهم أقوالاً أشهرها أن العربي هم من يتكلم العربية لغة أصلية له، ويعيش في بلاد العرب، ويشارك العرب آمالهم وآلامهم.

وهذا التعريف كالنحاس المطلي بالذهب، إن مسته برفق كان ذهبا له وميضه ولمعانه، ولكنك إن وضعته على المحك خرج نحاساً! لأن من غير العرب الذين عاشوا في بلاد العرب، كالأرمن في الشام والأروام في مصر من ينشئ أولاده على الكلام بالعربية كأهل البلاد من العرب، ثم إنه يعيش بينهم! أما المشاركة في الآمال والآلام فشئ خفي لا يعلمه إلا الله، ولا تظهره إلا التجربة، ولا يصح أن يكون مقياساً منطقياً. وإذا أردنا أن نحصي

<<  <  ج:
ص:  >  >>