أما اللغة فإنها بعلومها وفنونها، كالفلك الذي يدور على قطب واحد، وقطبها القرآن، وما أنشئت هذه العلوم كلها إلا خدمة له، النحو لمنع اللحن فيه، واللغة لتحقيق عربيته، والبلاغة لإثبات إعجازه، والتفسير لشرح معانيه إلى غير ذلك مما هو معروف
ودعاة الإسلامية كانوا ولا يزالون، وسيكونون أبداً هم أئمة اللغة وفرسان بلاغتها، وأرباب البيان فيها. وما عهدنا للآخرين كاتباً بينا ولا رواية ولا عالماً معترفاً بإمامته وتقدمه في علوم اللغة
وأما العادات العربية، على أنه ينبغي الإبقاء أبدا على حسنها، والتخلص من سيئها، فما رأينا في دعاة العربية من يتمسك بها! ولقد رأينا أكثرهم يعيش عيش الإفرنج، ويأخذ أوضاعهم في طعامهم وشرابهم ولباسهم بل ربما تزوج من نسائهم وكلم أهله (طبعاً) بلسانهم
وأما التاريخ فواحد. تاريخ العرب هو تاريخ الإسلام لو حذفنا منه الإسلام وما نشأ عنه لم يبق للعرب شئ، فالعرب ولد مجدهم وتاريخهم يوم مولد محمد.
الخلاصة أن العربية والإسلامية كدائرتين: صغيرة وكبيرة، إحداهما وسط الأخرى إلا هلالاً دقيقاً. هو موضع الاختلاف بينهما. أي أن بينهما بإصلاح أهل المنطق عموماً وخصوصاً. عاما إلا من وجه واحد، هو مسألة المليونين من العرب غير المسلمين. والثلاثمائة مليون من المسلمين غير العرب، أيهما أحق بأن نتولاه.
وكل ما يقول به دعاة العربية (فيما عدا إنكار الوحي وقطع الأخوة في الإسلام يقول به دعاة الإسلامية) بل نحن أحق به وأولى، نحن أعلم بالعربية وبتاريخها وأمجادها، ونحن نعمل أكثر منهم على تمجيدها بالإسلام وإعلاء شأنها. ونحن أصدق منهم إن قلنا عن أمة محمد (أمة واحد ذات رسالة خالدة). والعجيب أن يظن أحد أننا تخلينا عن القيام بالدعوة إلى العربية، لا. . ما تخلينا عنها ولكن ندعو إليها تحت راية القرآن التي عز بها العرب وشرفوا وصار لهم في التاريخ ذكر، وفي الدنيا مقام
إننا نحب العرب لأنهم قوم محمد، واللسان العربي لأنه لسان القرآن، وموطن العروبة لأن فيه مشاعر الحج والقبلة التي يتوجه إليها المسلمون من أقطار الأرض، ويدعون إلى الصلاة إليها بلسان العرب الذين نزل بلسانهم القرآن: حي على الصلاة. حي على الفلاح. ولكنا ندعو إلى عصبية، ولا نعدل بأخوة الإسلام أخوة.