لم يتذكر أنه رأى الموضع الذي وصفته. وسرنا حذاء السياج من جديد وانطلقنا إلى أبعد ما استطعنا أن ننطلق فوجدنا السياج مستقيما لا انحراف فيه.
وأمسك اللورد تيلوك عن الكلام لحظة. كانت الثلوج تتساقط في الخراج وئيداً، وكنا لا نسمع في جوف هذا السكون الموحش سوى خشخشة الخيوط الحريرية في قطعة القماش وزفرة النيران المستعرة في المدفأة.
سألت محدثي: ربما كنت إذ ذاك واقعاً تحت تأثير نوبة من الهلوسة؟!
استدار الجنرال برامبل نحوي وحدق في طويلاً وإن ظل ساكناً لا ينبس ببنت شفة، وقال اللورد تيلوك وكأنما يرد على استفساري: لقد لبثت بالفعل طويلاً وأنا أعتقد ما تقول، فقد استجوبت العسس والمارة والجيران ولم أتوصل إلى شيء، فلم ترتكب أية جريمة في تلك الليلة في طريق قصري ولم يحدث في هذه النقطة ما يكدر الصفو. وبعد انقضاء أربعة أعوام على هذا الحادث، وكنت قد سلمت بأن لوثة من الهلوسة قد أتلفت حواسي في تلك الليلة فتهيأت لي هذه الجريمة، جاءني خطاب من صديق لي يمتهن التنقيب عن الآثار ويعني بدراستها، لقد سررت بهذا الخطاب أيما سرور واليكم كما جاء فيه:
عزيزي اللورد تيلوك
بينما كنت أجري أبحاثي هذا لصباح في المتحف البريطاني تكشفت لي حقيقة هامة تتصل بقصة غريبة كنت قد رويتها لي في آخر عطلة أسبوعية سعدت بقضائها في ضيعتك. كنت أتصفح بعض الصحف المحلية القديمة التي كانت مصدر في مقاطعتك لاستيفاء بعض الأبحاث فقرأت الخبر التالي:
(في يوم ٢٤ ديسمبر ١٨٢٠ وعلى بعد ستمائة ياردة من قصر آل تيلوك أغتال بعض قطاع الطرق السير جون لاسي من وجهاء الكاثوليك بينما كان يسير بمفرده لحضور قداس نصف الليل. كان هؤلاء الأشقياء يتربصون بالمارة مختبئين خلف السياج الذي ينحرف في عدة مواضع فيحدث مع الدرب زوايا، وهنالك أيضا أخفوا الجثة بعد ما جردوا صاحبها مما كان يحمل من نقود. وعلى أثر هذا الحادث أمر سيد المقاطعة بإزالة هذه الزوايا، ومن هذا التاريخ أصبح السياج الذي يحاذي الدرب مستقيما لا التواء فيه)
قالت الليدي تيلوك: آه لو كنتم معي ورأيتم آيات الفوز والابتهاج مرتسمة على وجه إدوار