وقد ولد اليوت في أمريكا عام ١٨٨٨، ثم نزح إلى بريطانيا واختارها وطناً له.
وقد اشتهر هذا الشاعر المجود بإنتاجه الأدبي في قصائد من الشعر الطليق واصفا حياة المجتمع التقليدي المحافظ في بوسطن - وهي أشد المدن الأمريكية شبهاً بالمجتمع البريطاني. وقد وزن الشاعر حياة المحافظين من المترفين بميزان الفكر الحر فجاءت قصائده سجلاً لما يعتري هذا المجتمع المترف من جفاف روحي وقلق عاطفي لم تستطع أن تدافع شره أسباب الطمأنينة الاقتصادية وما وفره لهم مركزهم الاجتماعي من رخاء وبحبوحة في العيش.
ثم التفت الشاعر إلى حياة الطبقة التي لم تستطع أن تضمن بحبوحة العيش والطمأنينة الاقتصادية من العمال والمجتمعات الفقيرة التي تعيش على هامش الحياة في المدن الصناعية الكبرى. ووجد اليوت أن هذه الفئة من الناس تعاني أزمات روحية وألواناً من القلق العاطفي ولكنها أزمات أخف حدة بفضل البساطة التي تسود تفكيرهم في شؤون الحياة ومشاكلها. وبين هاتين الفئتين وجد المستر اليوت فئة ثالثة موزعة الأهواء مشوهة الفكر لا ترضى عن حياة الترف وما يصاحبها من ثقافة وتفكير روحي، وترفض جهالة الطبقة العاملة وما يعتريها من جمود عقلي لا يرضي عنه العقل النبيه.
وقد وصف هذا الشاعر نماذج هذه الفئات الثلاث في الحياة اليومية في ديوان له سماه (بروفروك) أصدره في عام ١٩١٧ وفي مجموعة من القصائد نشرها عام ١٩٢٠.
وقد لفت المستر اليوت النظر في تلك المرحلة من فتوته الشعرية إلى بلاغة وصفه للطبقات العاملة في قصائد وجدت جمال التعبير وقوته في وصف زكائب الأقذار والغرف المظلمة القائمة والأثاث المكسر الوسخ. وانفرد اليوت في صياغة هذه المناظر في شاعرية أثبتت أن الشاعر الحق يجد الجمال في المنظر البهيج وفي المناظر والمشاهد التي هي أبعد ما تكون عن البهجة.
وكان شعر اليوت في فترة شبابه مطبوعاً بطابع السخرية والنقد الاجتماعي اللاذع ثم مر الشاعر في فترة نضوج عقي سيطرت على تفكيره سيطرة تامة فجعلته يبحث في تراث الماضي عن علاج لأزمات الساعة ومشكلات الفئات الثلاثة التي يتكون منها المجتمع، ولم