روحاً واحداً، كما شهد بذلك كوليرج نفسه. وفي وسط روح المحبة والأخوة وتحت تأثير دوروثي بصورة خاصة، التي كانت وحدها صامتة هادئة، وقانعة بالتشجيع والنقد والإعجاب والإرشاد، أقول: في وسط هذا الجو السحري الرائع وجد كوليرج وورد زورث نفسيهما شاعرين مفردين بنغمات جديدة في فجر جديد. وفي الساعة الرابعة والنصف بعد الظهر من اليوم الثالث عشر من تشرين الثاني شرع الأصدقاء الثلاثة يسيرون مشياً إلى (وجيت) في طريقهم إلى الريف في (اكسومر) وذلك لأداء ما بذمتهم من نفقات بواسطة بيع قصيدة، عزم الاثنان على نظمها في الطريق!. وقبل انقضاء ثمانية أميال من سفرتهم هذه، فشلت خطة النظم المشترك، وأخذ كوليرج على عاتقه نظم القصيدة بمفرده، واستمر العمل في ذلك حتى شهر آذار التالي. تقول دوروثي معلقة على ذلك:(إنه في الثالث والعشرين من ذلك الشهر تناول كوليرج طعامه معنا، وكان في جعبته قصيدته (النوتي القديم) كاملة تامة.
وكان الليل بديعاً والقمر بازغاً، وكنا نشعر كأن النجوم والكواكب متحلية بزينتها احتفالاً منها بمولد الكوكب الجديد). ومن الحق أن نقول إن قصيدة (النوتي القديم) تضطرنا إلى التأمل والتفكير في أحقية ما كان يدعو إليه رجال العصور الوسيطة من أن هناك انسجاماً بين الشعر والسحر، وأن (فرجيل) كان ساحراً. وكما قلنا قبل الآن يمكننا أن نفهم بمجهود يسير أن أغاني باولز - على ما هي عليه من شحوب ووهن وذبول - كانت تعني في عام ١٧٩٠غير ما تعنيه الآن. ولكن يمكن أن نتجاهل ظروف ولادتها ووقت بزوغها وما يتعلق بها من نظريات، كما يمكن أن نتجاهل ورد زورث ومقدماته وما كان بينه وبين كوليرج من مشادات ومنازعات. إلا أننا مع ذلك وحتى بعد مرور مائة سنة، مجبرون على الاعتراف بأن قصيدة (النوتي القديم) هي تجربة الفن الكبرى، والكوكب الذي اصطاده كوليرج وجلبه بيديه إلى (الفوكسدن) وأراه لدوروثي ووليم ورد زورث. لأنه ليس في مجال الشعر الإنجليزي بأجمعه - وحتى لدى شكسبير - ما يجاري في عبقرية لغتنا الغنائية تلك النغمات العلوية التي أنشدها كوليرج في هذه القصيدة. . فموسيقاها جذابة سهلة، جميلة في تصويرها وخيالها وإيقاعها، وكلماتها تجري مجرى السلسبيل العذب في رقتها وخفتها ولطافتها. وقد تضم القصيدة بعض الكلمات الضخمة الثقيلة إلا أنها تقوم