يباهون بأن إمامهم، مكتوب على فخذه الأيمن أو الأيسر - لست أدري - بقلم القدرة، (مالك حجة الله في أرضه) إلى آخر ما تحكي الكتب من خرافات وأباطيل!
وكان هذا التعصب الأعمى وضيق الأفق، ينمو معنا شيئاً فشيئاً، وهو مفتاح لمعرفة كنه كثير من المشكلات الأزهرية، فهم في المعهد الواحد يتعصبون للمذهب، وفي الكليات المجتمعة يتعصبون للأقاليم، وفي الوظائف يتعصبون للأشخاص، وفي المعارف يتعصبون على دار العلوم، متابعة لطرائقهم هناك ليس إلا!
وقد فتح هذا التعصب للمذاهب والأشخاص والأحزاب أبواباً لمساومات كان ضحيتها العلم والثقافة دائماً، فانحط مستوى الطلاب انحطاطاً بشعاً، انحطاطاً دفع أستاذاً كبيراً للفلسفة في دار العلوم، ندب لتصحيح المنطق بالشهادة العالية لكلية اللغة العربية، أن يرفض ذلك، سمواً بمنصبه من أن يتخذ ستاراً، وباسمه من أن يستغل لستر ما شهد من فضائح. لقد وجد أن ما درس لطلاب الشهادة العالية في عام كامل، ست عشرة صحيفة من كتاب (النطق التوجيهي) المقرر على طلبة التوجيهية وفي حدود الصفحات التافهة وضع الامتحان!
وكان سباق الأزهر إلى الوراء داعياً إلى الأسى والرثاء، يضرب الطلاب عاماً كاملاً، لا يحضرون فيه غير أسابيع معدودة، ثم تكون نتائج امتحانات النقل٩٠ % أو تزيد. . . كانت عملية (تفريغ) من نوع فريد، ينقل الذين في السنة الأولى إلى الثانية، والذين في الثانية إلى الثالثة، وهكذا، ويمنح الذين يتخرجون فيه شهادات تحسب له وتعد عليه، وكاد الغش الجماعي، إن صح هذا التعبير، معروفاً وذائعاً ومرضياً عنه!
وقد حاول الخيرون من أصحاب الضمائر الحية أن يوقفوا هذه الموجة المدمرة، فكان نصيبهم أن أبعدوا أو اضطهدوا. وأذكر أن الأستاذ الكبير الشيخ محمد شلتوت وقف من عامين، وكان رئيساً لامتحان الشهادة العالية، يعلن بأعلى صوته (إن الأزهر يتصدق بشهاداته على الفقراء!. . .) فأبعدوه عنها واختاروا سواه، على ما هو عليه من علم وفضل وخلق.
وشيئاً فشيئاً حطم الفساد في الأزهر كل معاني الفضيلة والاستقامة، فكان الطلاب يقيمون في بلادهم طوال العام، يعملون في التدريس أو شيئاً آخر، ولا يحضرون القاهرة إلا ليؤدوا الامتحان. ومع ذلك كله كانوا يكتبون حاضرين يومياً، ويخول لهم ذلك حق الاستيلاء على