ولكننا اليوم وبعد اليوم سنقبل على حياتنا راغبين في تصويرها مطمئنين إليها واجدين فيها ألواناً من الأدب وفنونا من القول لم نعرفها من قبل. . ولكن هذا ليس كل ما ننتظره من الثورة، فالأدب والفن أزهار لا يمكن أن توجد أو تزدهر في بلد كثرته جاهلة وقلته متعلمة تعليماً ليس خيراً من الجهل إلا قليلاً! وما هو الأدب في حقيقة الأمر؟ وما هو الفن؟ الأدب والفن هما تفكير وتعبير وكتابة أو قول، ثم آذن تسمع أو عيون تقرأن وقلوب تعي، وشعور يحس ويتأثر، وأذواق تذوق فتشعر بالمتعة والجمال. . . هذا هو الأدب وهذا هو الفن، فإذا وجدت القلة التي تفكر وتعبر وتكتب وتتحدث وتذيع ثم لم توجد الكثرة التي تسمع لها أو تتذوق منها، فإن تلك القلة تكون أشبه شيء بالزهرات التي تظهر فجأة في الصحراء أعقاب الغيث ثم لا تلبث أن تمسها الشمس وتلح عليها فيصيبها الذبول والضمور والزوال. . . فلا تريحوا أنفسكم ولا تريحوا حكامكم ولا تريحوا ثورتكم حتى يصبح التعليم ماء وهواء وحتى يصل إلى الناس في قراهم ومدنهم دون أن يجدوا مشقة أو يلقوا عناء. ولا تصدقوا أن انتشار التعليم - بجميع مراحله - شراً إلا على الذين يؤثرون أنفسهم بالخير دون الناس، أولئك الذين يريدون أن يسودوا ليتخذوا الناس عبيداً!
الإصلاح أقوى دعاية
في قاعة المحاضرات بدار جمعية الشبان المسلمين اجتمع - يوم السبت الأسبق - عدد كبير من صفوة رجال العلم والفكر لسماع هذه المحاضرة التي ألقاها الأستاذ محمد فؤاد جلال وزير الإرشاد القومي، والتي اقتطع الأستاذ لإلقائها ساعة ونصف من اجتماع مجلس الوزراء الذي كان منعقداً في نفس الوقت. وكانت نبرات الأستاذ المحاضر ونغماته - ونغمة الصوت كما يقولون نصف اللغة - تدل على ما في نفس الرجل من رغبة مكينة في الإصلاح الشامل السريع، وعقب عليه - كشأنه دائماً - الدكتور منصور فهمي فكان تعقيباً فيضاً من الثناء أسبغه على المحاضر، والمحاضر ينطوي على نفسه حياء وخجلاً! ونلخص المحاضرة بما يأتي: -
عندما نتكلم عن (الإصلاح) فإنما نتكلم عن شيء فكر فيه الجميع وعالجه الجميع واتفق عليه الناس جميعاً. فكلنا يعتقد بضرورة (الإصلاح)، الفلاح والعامل والموظف والسياسي والاقتصادي والاجتماعي وغيرهم، ولكل من هؤلاء أسلوبه الخاص وهدفه الذي يسعى إليه.