للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا الاسم وبين موضوع المسرحية. فإن هذا خداع للناس وتضليل لهم يجب أن ينأى عنه كرام المؤلفين. وقد أشرت إلى ذلك عند حديثي عن (صندوق الدنيا). .

والعجيب في أمر (ست البنات) هذه - وهي زوجة المحامي - أنها ظهرت لنا في الرواية - أول ما ظهرت - طيبة القلب ساذجة سليمة الفؤاد صابرة مؤمنة تقول بأن (الست تعيش مرة واحدة وتتجوز مرة واحدة) - وإن كان ذلك يؤذي شعور بعض السيدات ويخالف ما شرع الله! - وتقول بأن (الدموع في بيت الزوج أحسن من الضحك في بيت الأب). . . ثم إذ بنا نراها بعد قليل جداً من الزمن. وقد انقلبت امرأة لعوباً خبيثة ماكرة تمثل دور الخادمة في حذق وإتقان. وتلعب بعقل وكيل مكتب زوجها - وهو رجل كهل كثير التجارب - وتغريه بالأماني المعسولة، وتستدرجه فيفضي لها بكل ما تريده، وتمثل - في نفس الوقت - دور مندوبة جمعية الهلال الأخضر - وهي جمعية وهمية كما قدمت - وتستمر في هذا التمثيل طويلاً دون تعثر أو اضطراب حتى تحقق ما تريد! فمن أين جاءها كل هذا المكر والدهاء على حين فجأة؟. . . وعلى العكس منها تماماً كان زوجها، فهو - كما بدا من أول الرواية حتى قبيل نهايتها - رجل عابث مستهتر، زير نساء، واسع الحيلة، كثير التجارب في أمور النساء خاصة، ثم هو محام فوق ذلك كله، وهو قد أستشعر التجسس عليه وأحسه ولمسه حتى قال (كل الناس بيتجسسوا علي حتى التليفون!). . . رجل هذا شأنه كيف لا يدرك أن موقف زوجته مع صديقه - في منزله الخاص - تمثيل منها وصناعة؟ كيف لا يدرك ذلك وهو يعرف أخلاق صديقه، ويعرف أن زوجته لم تلتق به ولم تعرفه إلا منذ لحظة؟ ويعرف أن الأمر يقع في منزله الخاص الذي لم تدخله زوجته إلا هذه المرة، والذي لا تأمن فيه أن يحضر زوجها في أي وقت لأنها تجهل نظام المنزل ومواعيد حضوره فيه - وهذا في نظر الزوج طبعاً - كيف يجتمع له كل ذلك ثم ينخدع في هذا الموقف ويؤمن بأنه حقيقة خالصة؟

ثم لماذا تاب وأناب؟ ألأنه قد انكشف أمره؟ إن ذلك لا يكون سبباً فهو يعلم أن أمره مكشوف من زمن بعيد، وأن الناس يتجسسون عليه، وأن التليفون يتجسس عليه أيضاً كما قدمنا! أم لأنه انخدع فظن السوء بصديقه وبزوجته، وذلك أمر لا يعني من كان على شاكلته، ثم هو قد علم بعد لحظة يسيرة بأنه كان تمثيلاً من الزوجة وكان خطأ من الصديق

<<  <  ج:
ص:  >  >>