للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زايلتهم السعادة وتقبضهم الحزن وأمضهم الألم. . ولكن أحداً منهم لم تبد منه معارضة أو جأر بشكوى فقد كان العهد بهم أن يرضوا عن كل تصرف منه دون جدل أو نقاش!

عكف على دروسه يستذكرها، وقبل أن يضع مواهبه تحت اختبار أستاذه نهرو قام برحلة استغرقت أشهراً استعاد في غضونها ما حصله، وامتحن فيها تجاربه. . ولما اطمأن إلى النتيجة التي حصل عليها، واقتنع بأنه بلغ مبلغ الرضا من أستاذه عاد إليه تواً ووضع مواهبه تحت الاختبار العسير الذي أجراه له. . ويا للسعادة الكبرى التي استغرقته حين قال له أستاذه نهرو:

- تستطيع الآن يا صديقي أن تطمئن إلى أنك وصلت. . فإليك تمنياتي! وشد على يده فقال له:

- إن الفضل فيما أحرزته من نجاح إنما يرجع إلى صدق عزيمتك وعظيم إخلاصك. . .

أجابه نهرو قائلاً:

- لا تقل ذلك يا رجل!

. . ودرج في الطريق وهو عظيم الثقة بنفسه، قوي الإيمان بالمستقبل السعيد الهانئ الذي ينتظره، واستطاع في نظرة واحدة إلى الوجوه التي صافحته. . وجوه الرجال والنساء أن يحيط بما كان يدور في رؤوسهم من الأفكار وكانت تسكن هذه الرؤوس الأفكار الطيبة والأفكار الخبيثة والآمال القريبة والآمال البعيدة الطائشة. . أدرك من السعيد المجدود ومن التعس المنكود. . والمؤمن والملحد. . ومن المخلص والمخادع. . وبهرته النتيجة التي حصل عليها، والنجاح الذي أحرزه فشاعت الفرحة في أعطافه وأيقن أنه ملك ناحية السعادة وحقق غارب أمانيه!

وتقدم من أحد باعة الفاكهة ليبتاع منه بطيخة، واستملى البائع الماكر من وجهه نظرة عابرة وحدث نفسه قائلاً:

- إنه رجل ثري. . هذا ما يبدو لي من ثيابه ومن مظهره النبيل. . وأغلب ظني أنه رجل طيب القلب ساذج وإذا لم تخذلني فراستي فإنني لن أجد أدنى صعوبة في أن أتقاضى ثمنها منه مضاعفاً. . سأطلب منه عشرين قرشاً!

وضحك أحمد في نفسه، فقد قرأ أفكار الرجل ووعى ما طاف بذهنه وقال في هدوء.

<<  <  ج:
ص:  >  >>