في تلك المنطقة، وهو نفوذ تجارية بكل ما وسعت واينما ان
* * *
كان ماء النيل وما زال اعظم قنية تحرص عليها مصر؛ ومنذ فجر التاريخ تشعر مصر بح أن حياتها تتوقف على مياه هذا النهر الخالد، وبأن كل ما حبتها به الطبيعة من النعاء والخصب إنما هو من جريانه وفيضه، وكم نكبت مصر، وعانت أهوال القحط والوباء، وفقدت من أبنائها الملايين، لان النيل لم يسعفها بوافر فيضه. ومصر تعمل منذ اقدم العصور للفوز بأكبر قسط من هذا الغيث المبارك، وتسعى بكل ما وسعت لضبطه واستثماره، وكثيراً ما سير الفراعنة الحملات الى أعالي النيل للوقوف على أسرار هذا النهر العظيم واستقصاء منابعه والسهر على سلامة مجراه. وكان طبيعياً أن ترث دول مصر الاسلامية هذا الاهتمام بأمر النيل؛ واي دولة لم تقدر أن النيل هو حياة مصر؟ وكانت حكومات السلاطين تعني باستقصاء كل ما يتعلق بمجرى النيل واحوال جنوبي مصر والنوبة؛ وكانت تعرف ان الحبشة تسيطر على قسم هام من منابع النيل، وكانت الحبشة تقدر من جانبها اهمية هذا الاشراف الذي يتعلق بمصالح لمصر تعرف أنها حيوية جوهرية، وتتخذ هذا الأشراف في أحيان كثيرة وسيلة لنوع من الضغط السياسي تتذرع به لتحقيق بعض مصالحها ومطالبها المعلقة على إرادة مصر؛ ذلك أن مصر كانت تسيطر على بيت المقدس وبها الاماكن النصرانية المقدسة، وتسيطر على ارواح ملايين من النصارى، وبها مركز البطريركية المرقسية التي تتبعها الحبشة من الوجهة الدينية. ففي عصور الاضطراب او الاضطهاد حيثما يصيب المصالح النصرانية او الرعايا النصارى شيء من الظلم او الغبن، كان ملوك الحبشة يسعون لدى سلاطين مصر لرفع هذا الاضطهاد، او لتحقيق بعض المنح كأن تعاد بعض الكنائس التي هدمت، او يطلق سراح المعتقلين، او غير ذل من المطالب؛ وكان ملوك الحبشة يجدون دائماً في التلميح إلى ماء النيل وإلى منابعه الواقعة تحت إشرافهم اداة قوية لتحيقي مطالبهم، وكذلك كانت سيطرتهم على أرواح كثير من الرعايا المسلمين في بعض الولايات الحبشية عاملاً آخر من عوامل الضغط، مثلما كانت سيطرة السلاطين على أرواح الرعايا النصارى
وقد انتهت إلينا بعض وثائق قديمة هامة تلقي ضوءاً على اهمية هذا التجاذب السياسي بين