للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أو منقولة عن أصولها الأعجمية المستعملة في الحساب والمساحة والزراعة والتجارة والصناعة مما لم يكن للعرب عهد به من قبل.

ثم إن الأعاجم مسلمين أو غير مسلمين أقبلوا على تعلم العربية، بعامل المصلحة الذاتية، وذلك للانتظام في أعمال الكتابة والخراج وما يتصل بهما، ولسهولة التقاضي في المنازعات التي كان ينظر فيها قضاة من العرب بطبيعة الحال. وبذلك لم يكد ينصرم القرن الأول الهجري حتى كانت العربية قد عمت أهل فارس والعراق والشام ومصر وغلبت الفارسية والرومية والقبطية على أمرها فأخذت هذه تتضاءل وتضمحل حتى صارت إلى الزوال أو ما يقرب من الزوال.

وبانتشار العربية بين الأعاجم واضمحلال اللغات الأجنبية ثم ذهابها ظهرت في الأقطار المفتوحة لهجات عربية شعبية تبين لنا المصرية منها خاصة مجموعات البردي التي كشفت في مصر والتي تصاحب تاريخ مصر الإسلامي من أول الفتح العربي إلى القرن السادس.

تشتمل هذه الوثائق النفيسة على رسائل صادرة عن ولاة مصر مثل قرة بن شريك وغيره وبعض المثقفين من العرب ومكتوبة بلغة صحيحة فصيحة، كما تشتمل على عدد عظيم من وثائق المبايعات والمداينات، وعقود الزواج والتمليك والشئون اليومية؛ وهذه مكتوبة بلغة شعبية مباينة للفصحى وفيها كثير من خصائص العامية المصرية الحاضرة، من ذلك إبدال الضاد من الظاء في (إحفض) بدلاً من (إحفظ) وإسقاط الهمزة رسماً ونطقاً وإسقاطاً يكاد يكون مطرداً فيقال (ويضاً) بدلاً من (وأيضاً) و (وحد عشر) بدلاً من (أحد عشر) وعدم المبالاة بالإعراب فيقال (اثنين) حيث يجب أن يقال (اثنان) وهلم جرا. وقد نشر جانباً من هذه البرديات المحفوظة بدار الكتب المصرية الأستاذ المستشرق أودلف جروهمان النمسوي في ثلاثة أسفار كبار طبعتها دار الكتب قبل الحرب الأخيرة كما وضع جنابه حديثاً كتاباً قيماً في هذا الموضوع أسماه (من عالم البرديات العربية) وقد نشرته جمعية الدراسات التاريخية المصرية.

وأهم النتائج التي ترتبت على تعريب الدواوين من حيث مستقبل الثقافة الإسلامية أن أصبحت اللغة العربية الأداة الوحيدة للتخاطب لتتبادل الآراء والأفكار في العالم الإسلامي

<<  <  ج:
ص:  >  >>