للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في وسعهم - وهم بشر كسائر الناس - أن يصلوا إلى أبعد منه. وقد أعطت السينما في مصر للدولة وللناس أكثر مما أخذت، ونهضت وجاهدت واحتملت الكثير من مصاعب الجهاد ولم تلق من الجزاء إلا صيحات الهدامين الذين كل همهم الهدم والهدم دون سواه. وقد يأخذ البعض على السينما أنها كثيراً ما تجنح إلى أن يكون أبطالها من التافهين الذين يروقون في أعين الجماهير الساذجة، فأقولها كلمة صريحة لا لبس فيها ولا التواء: - إن الرقابة هي المسئولة عن ذلك وهي التي كانت تطلب أن يكون أبطال الأفلام من هذا النوع التافه الرخيص دون سواه.

وتكلم بعده الأستاذ أحمد بدر خان قائلاً: أعترف لكم - قبل كل كلام - أن السينما لم تؤد واجبها نحو المجتمع. ولكن على من تقع مسئولية ذلك؟ إنها تقع على الجمهور الذي لا يهوى إلا الأفلام التهريجية، وعلى الحكومة التي لم تبذل لها العون الكافي، وعلى الرقابة التي تغمض العين على كل ما في الأفلام من مباذل وسيئات. ولا أدري لمصلحة من هذا الإغضاء؟ وعلى الصحافة التي تسرف في المدح وتسكت عن النقد الحق والتوجيه الصحيح. . . ولا أفهم لماذا لم يصدر قانون حماية الملكية الأدبية حتى الآن فيمنع هذا النقل والسطو والتشويه؟ ولماذا لا تحدد النسبة التي يتقاضاها الممثلون من الأرباح؟ إن للسينمائيين مطالب عديدة لم تحقق لهم الدولة شيئاً منها. إنهم يطلبون - فيما يطلبون - أن يلغى هذا القانون الذي يجعل منها نقابة عمالية لا فنية كنقابة الصحفيين، ويطلبون أن يكون من أقسام وزارة الإرشاد قسم خاص للسينما يقوم على تذليل الصعوبات التي تعترضهم، ويطلبون أن تشتري الحكومة بعض نسخ من الأفلام الممتازة فتعرضها في المدارس والمعسكرات والمستشفيات، ويطلبون تسهيل استيراد الأفلام الخام التي هي للسينما بمثابة الوقود للسيارة! ويطلبون خفض الضرائب التي ترهقهم. فإذا تحقق لهم ذلك استطاعوا أن يؤدي رسالتهم نحو المجتمع وإلا فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها!

ثم وقف الأستاذ يوسف وهبي وبدأ كلامه صائحاً هائجاً، فرمى الصحافة بأنها سبب البلاء ومصدر الشقاء، واتهمها بأنها صحافة مأجورة لا تمدح إلا بأجر ولا تذم إلا بأجر، وأنها مليئة بالعناوين (السوداء) والمقارنات (العمياء) - كما يقول الأستاذ المهذب - وأنك لا تكاد تجد فيها إلا صورة لفنان أجنبي بالمجان، أو صورة لفنان مصري دفع ثمنها مقدماً!. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>