واستمر الأستاذ الفاضل يكيل التهم للصحافة المصرية بدون حساب، وبطريقته التمثيلية وصوته الذي يصك الآذان، وحركاته البهلوانية التي يضحك بها على أذقان الدهماء من الناس، فكان ذلك منه عدواناً بالغاً على الصحافة الكريمة التي تبذل له ولأمثاله العون والنقد والتوجيه السديد.
ولكنه تخاذل وضعف وانبهرت أنفاسه وخفت صوته عندما انبرى له الأستاذ عبد المنعم شميس ففند أقواله، وفضح تهريجه، وصاح في وجهه بأن رجال الصحافة الذين يرميهم بهذه التهم الباطلة كانوا - من أجل دفاعهم عن الحق - يزج بهم في غياهب السجون ويلقون أشد العقاب بينما الأستاذ يوسف وهبي يرفل في الحرير ويركب أفخر السيارات! وأن هؤلاء الكتاب الأحرار كانوا الأداة الفعالة في إيقاظ الشعب وتنبيهه إلى حقوقه بينما كان بعض رجال السينما أداة تخدير وتنويم للشعب وتلهية له عما يكبله من أغلال وذلك بما يقدمون له من رقص وتهريج. . وإن الباحث المدقق ليجد أن هذا التهريج قد أخذ - في العهد الجديد - يتلاشى من السينما رويداً رويدا لأن العهد الجديد لا يهدف إلى تخدير الشعب وتلهيته عن حقوقه، وإنما يهدف إلى إيقاظه وتعريفه بهذه الحقوق. . ولقد أفلتت من الأستاذ يوسف وهبي كلمة تدل وحدها على مقدار فهمه لوظيفة السينما! أنه سماها (صناعة السينما) والصناعة - كما تعلمون - تهدف إلى الربح الكثير والكسب الوفير! وليس من أهدافها ترقية الإحساس والشعور والذوق، وتعريف الناس بالمثل العليا، ومعالجة المشكلات الاجتماعية والفساد المتغلغل في الحياة، وما إلى ذلك من أغراض.
إن السينما المصرية لا طابع لها حتى الآن، ولكنها بضاعة مجلوبة من الخارج وكل عملنا فيها أن نلبسها زياً مصرياً ونقول للناس إنها بضاعة وطنية! وإن قصاراها - حتى الآن - هو الرقص الفاجر والغناء الداعر، إنهما يحشدان في الأفلام حشداً وبدون مناسبة ليهرع إليهما الجمهور فترتفع حصيلة الفلم وتنحدر أخلاق الناس!
ثم وقف الأستاذ أنور أحمد - عن جمهور المستمعين - فعلق على المناظرة قائلاً: - ن كلمات المؤيدين - وهما الأستاذان رشيد النحال ويوسف وهبي - كانت طوافاً وتحويماً حول الموضوع ولم تكن من جوهر وهي المكافحة الأولى لكل فساد وانحلال في مصر. . . وإنه من الخير ألا نخدع أنفسنا وأن نرضى غاية الرضا عن أنفسنا فذلك ضلال بعيد،