أن اتمم ما تطلب الحياة مني وما تفرضه علي. . . إن الحياة
مقدسة عندي! وما قدسها إلا حب الواجب.)
ويرى فيخت وجوب توحيد الاخلاق والدين لأن غايتهما واحدة ووجهتهما واحدة. فالدين بغير أخلاق ما هو إلا مظهر خارجي يغذي العقل بالأوهام والأساطير دون أن يرقي به إلى ناحية من نواحي الكمال. والأخلاق بغير الدين تتركنا نجتنب الشقاء خشية عاقبته، دون أن نغرس في نفوسنا حب الخير لنفيه. ألا ليكن دستورك الشريف في حياتك أن تريد ما يجب، وأن تظهر إرادتك من أدران هذا العالم، وتنقذ وجودك منها ليتسنى لك العروج الى عالم هو أسمى من عالمنا الحاضر، , ان تصرف نفسك عن هذه الحياة الى الحياة الهادئة السعيدة
ويقول أيضاً:(إن مزية الرجل المتدين الحقيقي في مذهبي هي أن تكون له رغية واحدة تحدوه، وفكرة واحدة تسوقه، صلاته هذه الآية: (ليأت ملكوتك) وفي غير ذلك لايتسع صدر لشيء، ولا تسمى قدماه إلا في سبيل واحد يدينه من غايته ولايطيع في كل ما يأتيه من عمل إلا صوت ضميره
على أن روح فيخت الدينية بدأت تبدو كثيراً في كتاباته الاخيرة التي أراد بها توضيح مذهبه. ففي كتابه (الموجز) نرى نزعته الفكرية التي تؤمن بأن الله قد أناب منباه (الذات المطلقة) على الأرض، وأن نهاية هذه (الفاعلية) الانسانية تفنى في وحدة تمزجها مع الالوهية. وفب كتابه (غاية الانسان) يعلن فيخت بأن حقيقة العالم الخارجي بعيدة عن الوضوح والبيان، ولكن في الامكان تعليلها بطريقة من طرق الايمان، أليس هو شعورنا الذي يحفزنا الى معرفة (حقائق الأشياء الخارجة عنا) وهي كائنات لها وظيفتها في الوجود كما لنا وظيفتنا، وأرانا مضطرين الى اسعافها في اكمال وظيفتها
وفي كتابه (معرفة الحياة السعيدة) يبحث مسألة الاتحاد مع واجب الوجود، وقد يكون في استطاعتنا القول أن هذا الاتحاد قد يكون اتحاداً صوفياً (يمثل فناء المحب في المحبوب) لو لم ينبهنا فيخت الى أن هذا الاتحاد ليس باتحاد فارغ - كما نتمثله - وإنما هو اتحاد ملائم لجبلة الله. وإنما الرجل المتدين عنده هو الذي يؤمن ويضع رجاءه - لا في الله - لانه يحمل الله في قلبه، ولكن في الانسانية التي يجاهد في سبيل إسعادها وكمالها