للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أطلاعه وغزارة مادته

(٢) اعدد الدرس واداؤه - وكان يعنيني على الأخص ربطه بالدروس السابقة، والسير فيه مع الطلاب خطوة خطوة على الطريقة الاستنتاجية ثم تلخيصه بطريق الاسئلة. فكان من حسن اعداده أن ملأت لوقت كله به، فلم يعد فيه فراغ لعبث عابث ولا تجني سفيه، وجررت اليه أذهان الطلاب بالتشويق والتطبيق والسؤال فلم يصبهم سأم ولا ضيقن وشغلتهم به عن أنفسهم وعني فلم يفرغوا الاصطياد نكتة ولا لالتماس غميزة. وليس أعون على حفظ نظام الفصل من ملء الوقت بالمفيد الممتع، ولا أضمن لجودة شرح المعلم وحسن استماع التلميذ من غهم الموضوع.

(٣) مسايرة الترقي - فلم اتشبث بالقديم، ولم أتعصب للكتاب، ولم أعن إلا بما له قيمة عملية. فالموضوعات منتزعة من حياة التلميذ وحال المجتمع، والأمثلة مستنبطة من أساليب العصر ومواضعات أهلهن والبحث حر في حدود المنطق، يقوم على أساس التحليل والنقد والموازنة. وفي تشابه الفكرة والنزعة والغاية توثيق الصة بين المعلم والمتعلم.

(٤) حسن الخلق - ولعمري ما يؤتي المعلم إلا من إغفاله هذه الجهة. فالادعاء والتظاهر، والكبرياء، التفاخر، والبذاء والتنادر، والكذ١ب والتحيز، والسل والتدليس، آفات العلم وبلايا المعلم. وما استعبد النفس الشابة الحرة كالخلق الكريم، ولا يَسر تعليمها وتقويمها كالقدوة الحسنة. ناهيك بما يتبع ذلك من جمال الأحدوثة واستفاضة الذكر، وهما يزيدان في قدر المعلم واعتبتره، ويغنيان التلاميذ الجُدُد عن اختباره

(٥) قوة الحزم ٠ فكنت ألين في غير ضعف، وأشتد في غير عسف، وأسير بالطالب إلى الواجب عن ريق ضميره وحسه، لا عن طريق تأنيبه وحبسه، وأجعل رضاي عنه غاية ثوابه، وسخطي عليه غاية عقابه، وأعده الوعد فلا أذهل عن تنجيزه، وأحكم عليه الحكم فلا أنكل عن تنفيذه، وأستعين على فهم عقليته ودرس نفسيته بانشائه فأعامله بما يوائمه، وأعالجه بالدواء الذي لائمه

* * *

كل ذلك يسعده طبغ غالب، ورغبة حافزة، ومرن طويل، وقدَر من الله جعلني أجد سعادتي وراحتي في الفصل وبين الطلاب، أكثر مما أجدهما في البيت وبين الأصحاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>