لقد كانت لنا آمال، صببناه على قدميك يوم خرجنا لاستقبالك، وكنا كلما انقضى من عمرك يوم ولم تتحقق ارتقبنا بها يوماً آخر، وهذا يوم لا آخر له، فأخبرنا عن آمالنا، ماذا صنعت بها، أدست عليها فحطمتها وقطعت طريقك على رفاتها؟
أيها الراحل المودع!
لقد أودع أسلافنا عند أسلافك أمانة، هي المجد العربي، والعزة الاسلامية، فضاعت في بيداء الزمن، وانطلقت الأعوام وانلقنا وراءها نفتش عنها وننشدها، ولن ني ما بقي في الزمان عام، وبقي منا إنسان، فأخبرنا هل مررت عليها، وهل عرفت أي عام يحملها الينا؟. . . .
إنك ستجتمع في عالم الأبدية بالأعوام التي سبقتك، ومرت بنا قبلك، فهل لك إذا اجتمعت بعام الدماء والدموع، عام الثورة. . . أن تبلغه يلامنا وتحياتنا، هل تحمل الى تلك الأرواح الظاهرة شوق أبنائها وإخوانها؟. . . ألا قل لها تهدأ وتطمئن، فانا لن ننسى، لن ننسى. . إن ذكرى الدم المفسوح لا تنسى ابداً!
وبعد يا أيها الراحل المودع!
أنبئنا مذا يحمل هذا القادم المسلم، هل يحمل الينا تحقيق الآمال وبلوغ الأماني؟ أم يحمل الشقاء والخراب والفقر والآلام والدموع والدماء كاخوانهالخمسة عشر عاماً، التي مرت على سورية؟
أنظر ماذا خلفت فينا، أنظر الى مدينتنا، لقد جعلتها - في ظل المتمدنين - أطلالاً وخرائب، لقد جعلت أهلها فقراء بائسين. . . انظر هذه هي خرائب الدرويشة والميدان؛ وهذه قلاع المزة وقاسيون. .
ولكن لا بأس أيها العام لابأس؛ إن أرضاً تسقة؛ (الماء الأحمر!) لابد أن تنبت (الحرية الحمراء). . . وإننا لن نيأس أبداً
* * *
وأفقت من ذهولي، وكان وهن من الليل، وكانت اللحظة الاخيرة من العام الراحل، فأرسلت في فضاء الله الواسع زفرة طويلة، ثم رفت رأسي شطر السماء وقلت: