مدين لمصر بتنشئته وثقافته، ومدين لها بالرقة والعذوبة التي
تتجلى في شعره، وتأسرك إلى قراءته قسراً، غير أن نفسه
الطموح الراغبة في العظمة والمجد بدأت تتطلع إلى نيل
مركز سام ومنصب رفيع، ورأى أن في مصر من العظماء
من لا يستطيع قهرهم ولا منافستهم، فحث الخطا إلى الجزيرة
حيث يستطيع أن يجد له ميداناً للعمل والتقدم، فاتصل بالملك
العادل، ومن بعده اتصل بابنه الملك الأشرف الذي كان يلقب
بشاه أرمن لاستيلائه على بلاد الأرمن، وقد اختص بهذا
الاخير، حتى إنك إذا قلبت ديوانه وجدت معظمه في مدحه
والثناء عليه، وحتى لتوهمك مقدمته أنه إنما جمع قصداً لكي
يجمع ما قاله في الملك الأشرف من مدائح، ولقد أصبح أثيراً
لديه يستصحبه في رحلاته وتنقلاته، وأصبح ابن النبيه اللسان
المسجل لما يلقاه المليك من خير أو نصر أو حداث هام؛ ,
صار كاتب الانشاء له، يدبج عنه الرسائل، وأحياناً كان يكتبها
بالشعر كما سنتحدث بعد. ويقول من أرخ لأبن النبيه: إن له
شعراً أعذب من الماء الزلال، وأغرب من السحر الحلال،
ونثراً ألطف من كاسات الشمول، وأدق من نسمات الشمال،