كان وجه جندي من الكماة، وهو يحن الى مجالس الأنس يسعى إليها ويدعو صحبه ليشاركوه لذته، وهو يأنس الى الطبيعة يحب جمالها، ويغرم بمفتنها فيصفها، وهو يجد لذة في الخروج الى الصيد يخرج الى اللاة مع رفقة حسان الوجوه، ثم يعود بما وقع في يده من صيد، وذك كله نتيجة لهذا المذهب الذي اختطه لنفسه، وكان شعره صورة حية له، فأنت تسمعه يصف الخمر ويقول:
تأمل كؤس عتيق الرح ... ق ترى الماء يجمد والخمر ذائب
لما في الزجاجة رقصالشب ... اب ومفرقها أشمط اللون شائب
وترعد غيظاً إذا أبرزت ... من لدن كالمحصنات الكواعب
كأن الحباب على رأسها ... جواهر قد كللت في عصائب
لحمرتها صح عند المجو ... س أن السجود الى النار واجب
وسصف موطن نال فيه السرور من الخمر والساقي ويقول:
رق الزجاج وراق كأس مدامنا ... ورضاب ساقينا الأغن الأهيف
فمزجت ذاك بهذه وشربتها ... ولثمته، وضممته يتلطف
وجنيت من وجناته لما استحى ... وردا بغير رضا بنا لم يقطف
ورنا الى بطرفه فكأنما ... أهدي السقام لمدنف من مدنف
بتنا وقد لف العنق جسومنا ... في بردتين: تكرم وتعفف
ويقول مرة أخرى متغزلاً بالساقي وكأن من الأتراك:
ساق أن جبينه في شعره ... قمر تبلج في الليالي السود
غصن تزنح خصره في ردفه ... فعجبت لمعدوم في الموجود
إياك والأتراك إن لبعضهم ... أشخاص غزلان وفعل أسود
أجسامهم كالماء أنها ... حملت قلوباً من صفا الجلمود
وتسمع منه غير ذلك كثيراً في وصف الخمر وسقاتها والتغزل فيهم؛ ولعل بعضهم لامه على شرب الخمر أو على الاثار من شربها فقال له:
الراح روحي، فكيف أهجرها ... منظرها طيب ومخبرها
راح إذا ما الفقير صافحها ... إغناه ياقوتها وجوهرها