جهلة يتخبطون في مهاوي الغي والفساد، لا يركنون إلى الكتاب والسنة في كل ما يفعلون، ثم أوغلوا في تهجمهم عليهم فقالوا ما التصوف إلا إسقاط الجاه وسواد الوجه في الدنيا والآخرة، وما المتصوفون إلا قوم مراؤون بئسوا من العمل ومالوا إلى الخمول والكسل فكأن شأنهم شأن من ينتظر أن تمطره السماء ذهباً وفضة
كانت هذه الحركة العدائية ترتكز على ثلاثة أسس:
أولاً: أن الصوفيين بشروا بصلاة ساكنة، وبهذا مالوا إلى إنقاص شأن الصلوات الخمس الجبرية المفروضة التي هي من أركان الإسلام الخمسة زاعمين أنها من خصائص العامة الذين لم يتعمقوا في المعرفة الروحية. أما هؤلاء الذين ارتقوا إلى أعلى درجات العلم والفلسفة فهم في غنىً عنها
ثانياً: أنهم أدخلوا (الذكر) في الدين، وهو إعادة دائمة لأسم الله تعالى بأوضاع وأشكال منوعة على نمط لم يعرفه المسلمون المتقدمون، فهو إذن بدعة (وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار)
ثالثاً: أن كثيراً منهم اعتنقوا مبدأ التوكل مهملين جميع أنواع العمل وألوان التجارة وفي هذا ما فيه من إضعاف شأن الأمة اقتصادياً واجتماعياُ. ثم أنهم كانوا يرفضون المساعدات الطبية عند الحاجة ويعيشون على الصدقات يتطلبونها من المؤمنين. أنهم ليحدثون في عقول الناس معنىً خاصاً لله وللدين
لم يقف الصوفيون أمام تهجمات خصومهم مكتوفي الأيدي ولم يفقدوا رشدهم أمام هذه الحملات الشعواء المبعوثة من كافة النواحي والجماعات، بل دافعوا عن كيانهم بحجج قوية وأدلة مبعثها الكتاب والسنة وأثبتوا فضلهم وعلمهم، وقالوا إنهم قوم آثروا الله على كل شيء فاصطفاهم من دون الناس كافة لأيقاظ الناس وإطفاء شعلة التشكك والألحاد، قال الشبلي:(الصوفي منقطع عن الخلق، متصل بالحق، بدليل قوله تعالى واصطفيتك لنفسي. قطعه عن كل (غير) ثم قال لن تراني.) ومما استشهدوا به على أنهم وصُفوا في الذكر الحكيم بالصدق والخشوع والصبر والتوكل والقنوت والزهد: وهم على اعتقاد أنهم المعنيون بهذه الأوصاف.
ومن كلام النبي (ص) فيهم قوله. (رب أشعث أغبر ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره)