ازورت تقابلت،. . وهكذا تم التعارف بينهما ولم يشاهد أحدهما الآخر قبل هذه الساعة.
وتخاطبت الأبصار بلغة سحرية، دون أن تتظاهر بأنها تتخاطب، وتفاهمت، دون أن تتظاهر بأنها تتفاهم واليكم ما قالته عيون المرأة للشاعر:
- أنت لطيف جداً! يا سيدي! أنت شاب أنيق جذاب من طبقة يندر أن ترى في ساحة (بونتاسياف) الكبرى. . . وبعد دقائق معدودات. يا سيدي الفتان. سيوافيك الشخص الذي تنتظره ولعله امرأة جميلة ترافقك في السفر. أو تفر معك!
وإذ ذاك. يزأر محرك السيارة. حيث يلتوي الطريق ستختفي إلى الأبد. أيها الحلم الجميل! ستختفي وأنت من تلك الطبقة التي لا تتسنى لنا مشاهدتها أكثر من دقائق قليلة خلال شقائنا الدائم ونحن بنات الريف التعسات اللواتي قضي عليهن أن يخلقن في الريف، وأن يتزوجن في الريف وأن يقضين الحياة في الريف خاضعات (لأمانة) يرتضينها على غير إرادة منهن
. . . أيها الشاب الجذاب، الذي سيختفي بعد بضع دقائق! إنه ليلذ لي كثيراً، من هذه النافذة أن أتصل بك! والاتصال بك خطيئة النساء اللواتي على شاكلتي. . .!!!
وقد انبرت لحاظ الشاعر تجيبها:
- (أنت جميلة أيتها المجهولة الفاتنة! أنت جميلة بعينيك البراقتين، وشعرك المسدول! أنت جميلة بهذه الجدائل المجعدة على الطريقة القديمة، وهذا الثوب الأسود الذي ترتدينه أملس مصقول إلى درجة تسمح برؤية النقط البارزة في جسمك البض.
وهذه الدانتيلا التي تماشي هذا الصقل وتحده، في غاية الأناقة والظرف!
وهنا، في هذه النافذة التي تخفي من جسمك الغض ما تخفي، وتظهر ما تظهر، تتراءين في وسط الهالة المظلمة التي تكتنفك، في جمال تمثال، من تماثيل ١٨٥٩، كأنك آلهة من آلهة العصور القديمة، بهذه الزينة التي لا يعرفها عصرنا، عصر الفساتين القصيرة، وعصر الفوكس - تروت!
لقد أضاع عصرتا ذلك الجمال البالغ!
وكم تروقين لي، أنا الشاعر المفتون، أيتها السيدة الحسناء! إنكِ لتملكين ما تجملين به (بوناسياف) أكثر من كل صورته لي مخيلتي!!