لكانديلورا سحر في اللون والحركة، وهي تشحذه للعمل. فعينا الفنان تكتشفان في هذه المرأة اشياء ابداً جديدة ومتعددة. ففي هذه الظهيرة تبدو وهي في حديقة المنزل، وتحت شمس شهر اغسطس المحرقة، التي تنشر ظلالاً حادة في كل مكان، ولها أثر مخيف. وكانت في نفس الصباح، حينما آبت من حمام البحر حيث قضت بضعة أسابيع محترقة الجلد سمراء اللون من فعل الشمس وملح البحر، لون شعرها منطفئ، وضاءة العينين أشبه ما تكون بعنز تشتهي النوم. وكانت بذراعيها العاريتين المفتولتين وبكفلها النامي تظهر في كل حركة بسيطة أن رداءها الأزرق الحريري الذي يناقض لون جسدها ويلتصق به يكاد يتقطع. وكان هذا الرداء مدعاة للسخرية. لقد كانت كانديلورا تقضي نصف يومها عارية تمرح على شاطئ البحر المنعزل، وترقد بجسمها الصامد على الرمال المتقدمة من حرارة الشمس الملتهبة، بينما كانت تشعر بنسيم البحر البارد يهب على قدميها. فكيف لهذا الرداء الازرق ان يخفي عراها؟ لقد ارتدته مجاملة للعرف، ولكنه في الواقع اظهرها في حالة غير محتشمة اكثر مما لو كانت عارية
ومع كل ما كانت عليه من غضب لحظت في عينيه إعجابه بها. وسرت إلى شفتيها بفعل الغريزة ابتسامة الرضا. واستاءت لساعتها من فعلتها هذه. وانقلبت ابتسامتها ضحكة استهزاء. وصارت ضحكة الاستهزاء فجأة نحيباً وشهيقاً وهربت إلى المنزل
وأخرج نين بابا لسانه لها دون وعي وهو يرقب مسيرها. ثم نظر إلى ذراعه المجروحة التي تشع ألماً محرقاً من فعل حرارة الشمس. ثم شعر فجأة أن عينيه أغرورقتا بالدموع. ومن يعرف السبب؟ وتحت تلك الشمس المحرقة في وسط الحديقة حيث الظلال الحادة مترامية شعر بين بابا بأنه كاد ينزعج من وجود اشياء عدة لا حراك بها من حوله: الأشجار، وجذوع أشجار البلوط، والاحواض المركزة على جوانبها صخور صناعية، وسطح الماء الاخضر، والمقاعد ماذا تنتظر كل هذه الاشياء؟
إنه يمكنه أن يتحرك وأن يسير. ولكن يا للغاربة! كأن كل هذه الاشياء التي من حوله ولا حراك بها تنظر إليه؟ ثم هي لا تنظر إليه مجرد النظر بل ترسل إليه سخريتها في سحر يشع من جمودها العجيب، وصورت له أن قدرته على المسير ليس من ورائها طائل، إلا