وهذه الحقيقة تمثل ثراء البارون شيكو. وهنا سكن نين بابا منذ ستة شهور، إلا أنه لم يشعر بالاشمئزاز من نفيه ومن كانديلورا إلا في صبيحة أمس، وحين آبت الساعة من البحر تجسم وزره ووزر عراها أمام عينيه. غير أنه اضطر إلى الضحك ساعة أن قالت له تهرب الآن من هذا العار. وقد أفصحت له أنها تبغي ذلك
حقاً إن صور نين بابا ستلقي رواجاً بعد الآن. وان قيمة فنه الجديد الخاص به قد بلغت اخيراً أعلى مرتبة. وليس ذلك لأن الناس حقاً فهموه، ولكن أمزجة الأغنياء من زوار معرضه وعقلياتهم تنقاد لحكم النقد الفني فيقفون إزاء لوحاته معجبين
النقد؟ وأيضاً كلمة النقد لا وجود لها في غير سراويل النقدة.
والناقد الذي قصدته كانديلورا وجلة يوماً ما، لكي ترجمة في وجهه بأنه غير عادل حين يؤدي بفنان مثل نين بابا الى التهلكة جوعاً - ذلك الناقد الكلمة دون غيره، كتب مقالاً عظيماً يلفت به انظار المترددين الى فن نين بابا الجديد والطابع الشخصي فيه.
ولكنه طلب أجراً مقابل اعترافه بالفنان. على ألا يُدفع هذا الاجر نقداً، بل شكراً حيوياً تقدمه كانديلورا له. ولم يكن من كانديلورا إلا أن قدمت دون تريث هذا الشر جزيلاً. غير قاصرة على ذل الناقد، بل عممت هذا الشكر للذين أعجبوا بفن زوجها، ذلك الفن الجديد. فقد ملكتها نشوة فرح لانتصار زوجها. وشكرت الجميع وبخاصة البارون شيكو، الذي جرى في ذلك إلى حد أن ترك للزوجين منزله، حتى يكون له شرف إيواء فنان معذب. . . .
مسكينة كانديلورا! لقد خافت الفقر وقالت ان الفقر ليس هو الحاجة ولا الذل. وانه ليس لما حق فيما يكسبه زوجها. ودفعتها عدم اهليتها هذه للانتقام. وعلى اي صورة؟ منزل. سيارة. قارب بخاري، حلى. جواهر ثمينة، تنزهات خلوية. أدوات زينة. مآدب. . . ولم تشعر هي بغضب منه، إذ بقي دون أن يتغير في شيء. . . فلا هو حزين ولا هو فرح، ولا زال مهملاً في هندامه كما كان. . . . . . . وليست له بهجة في غير الوانه. لا يعرف مطلباً سوى التفرغ لفنه، حتى يصل إلى القرار، القرار المكين، كي لا يرى شيئاً من صور الحياة الوضيعة التي تحيط به