للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من المحتمل، كلا، بل بكل تأكيد ان تلك الحياة الوضيعة - حلى لوريتا والترف والدعوات والمآدب - تدل على شهرته. شهرته وعاره - ولم لا؟ وماذا يهمه من أمر ذلك؟

إنه يقدم روحه وكل ما فيه للمتعة بورقة يدخل عليها الحياة برسمه، بينما يصير هو لحماً ودماً وشرايين لتلك الورقة. أو للمتعة بحجر صلب لا حس فيه ليجعله فوق لوحته حجراً حياً حساساً، هذا ما يعنيه

عاره؟ حياته؟ حياة الآخرين؟ سباب الأجانب الذي لا فائدة من الانصات اليه؟ إنه لا يحيا إلا لفنه، وهو العمل الذي يتمخض عنه النور والألم ويتمثل في روحه

وقال هذا الصباح للوريتا وكأنه في عام آخر إنها تعجبه - دون أن يعير الأمر اهتماماً خاصاً - حقاً إنها أعجبته، لأنها ارتضت أن تكون شريكة مطيعة في الحياة، غير عابثة بالفقر، شركة قنوعاً راضية، له أن يطمئن الى صدرها، وطبيعي أن تهاجمه لوريتا كنمرة. ولكن ماذا نفعل بعد ذلك؟ ألا تعود بصبغة اليود والشاش المعقم والضماد؟ لقد صعدت المسكينة باكية

الآن يجب أن يحب لوريتا. ولربما كان ذلك رد فعل لعدم مبالاته. أليس ذلك جنوناً؟ ولو أنه كان يحبها حقاً لحق عليه قتلها. عدم المبالاة هذا ضروري، هو المقدمة التي لا مفر منها، وليتحمل العار الذي تمثله الى جانبه. أيهرب من هذا العار؟ كيف يمكن ذلك. وكل منهما قد رأى هذا العار ليس بعيداً عنه ولا محيطاً به بل رآه في نفسه أيضاً. والسبيل الوحيد هو ألا يهتم كلاهما بذلك. فهو يتابع تصويره وهي توالي تمتعها بشيكو مؤقتاً ثم بغيره أو به مع غيره في وقت واحد، فرحة غير حاملة هماً. إن الحياة. . . . لا شيء. . . وهي تسير على هذه الوتيرة أو تلك، دون أن تترك أثراً. ويجب على الانسان أن يضحك من الأشياء التي ولدت خبيثة، والتي ليس لها من الكيان ما يغري، أو لها كيان، ولكنه قبيح يجعلها تتألم الى أن تصبح رماداً مع الزمن. وكل شيء يحمل طيه آلام تكوينه، آلام مصيره الذي لا قدرة له على تغييره. وهذا هو الجديد في فنه، إذ يجعل أشخاصه يشعرون بذلك الألم. . . وهو يعرف جيداً أن كل أحدب عليه أن يعرف كيف يحمل حدبته معه. وينطبق ذلك على الوقائع كما ينطبق على الأشخاص. فاذا ما كانت الواقعة واقعة فستبقى كذلك دائماً أبداً، ولن تغير. فكانديلورا مثلاً لو أنها بذلت أقصى جهدها لتصير خلواً من

<<  <  ج:
ص:  >  >>