العار ما كانت أصلاً عندما كانت فقيرة لما استطاعت. ولعل كانديلورا لم تك قط خلواً من العار حتى في أيام طفولتها. وإلا لما أمكنها فعل ما فعلت، ثم هي تفرح لعملها هذا
وتحت حرارة الشمس انقبض الدم في موضع العضة من ذراعه، وتجعد سطحه وازداد نبضه وانفتحت يده وتوترت شرايينه
واستفاق نين بابا من تأملاته وخطا نحو المنزل ونادى مرتين عند مدخل السلم وفي الممشى:
(كانديلورا! كانديلورا!)
ورن صدى صوته في الغرف الخالية ولم يجبه أحد. دخل في الغرفة المجاورة لمحل عمله ومكتبه، ولكنه تراجع من هول ما رأى. كانت كانديلورا منبطحة على أرض الغرفة البيضاء المفعمة بالنور. ورداؤها في غير انتظام. وكأنها دارت حول نفسها فانكشف فخذها. أسرع أليها ورفع رأسها، يا ألهى ماذا فعلت. الفم والذقن والرقبة والصدر يضرب لونها بين السواد والصفرة: لقد شربت صبغة اليود
ثم ناداها قائلاً:(إنه لا شيء! لا شيء ما هذه الفعلة الحمقاء يا حبيبتي كانديلورا. يا طفلتي. . . إنه حقاً لا شيء. . . إنه يؤذي المعدة طبعاً قفي)
وحاول أن يوقفها على قميها؛ ولكنه فشل، إذ أن المسكينة قد تصلب جسمها من شدة الألم. ومع ذلك لم يقل لها مسكينة، بل قال:(طفلتي. . .! طفلتي. . . .!) ذلك لأنه ظن ان تجرعها اليود أمر تافه مزر. (طفلتي!) رددها ثانية، وقال لها (يا صغيرتي الحمقاء). وحاول أن يستر فخذها بالرداء الأزرق فقد أصاب منه نظراً، وأدار عينه الى الناحية الأخرى حتى لا يرى فمها الأسود
هو وحده في ذلك المنزل. لقد وصلت لوريتا اليوم من حمام البحر. وكانت قبل ذهابها قد طردت الخادمة، فلا أحد يساعده على رفعها من الأرض، ولا أحد يأتي بعربة تحملها الى أقرب مستشفى حتى يؤدوا لها الاسعافات السريعة. ولحسن الحظ سمع بوق سيارة البارون شيكو وهي قادمة في الطريق، وسرعان ما ظهر البارون بهندامه الأنيق ووجهه الأصفر الذي ينم عن شيخ ضعيف العقلية مديد القامة متصاب
وثبت البارون شيكو (المونوكل) على إحدى عينيه وقال: (ماذا جرى؟)