وكانوا شيدوا في الفقر مجداً ... فلما جاءت الأموال ملوا
ظلت بقم مطيتي يعتادها ... همان: غربتها وبعد المدلجَ
ما بين علج قد تعرب فانتمى ... أو بين آخر معرب مستعلج
وأهلها عرفوا بالتشدد في التشيع قبل أن يعم التشيع إيران؛ وقد روى ياقوت في ذلك حكاية ظريفة قال:
(ومن ظريف ما يحكى أنه ولّيَ عليهم وال، وكان سنياً متشدداً، فبلغه عنهم أنهم لبغضهم الصحابة الكرام لا يوجد فيهم من اسمه أبو بكر قط ولا عمر. فجمعهم يوماً وقال لرؤسائهم: بلغني أنكم تبغضون صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنكم لبغضكم إياهم لا تسمون أولادكم بأسمائهم. وأنا أقسم بالله العظيم لئن لم تجيئوني برجل منكم اسمه أبو بكر أو عمر، ويثبت عندي أنه اسمه لافعلن بكم ولأصنعن. فاستمهلوه ثلاثة أيام، وفتشوا مدينتهم واجتهدوا فلم يروا إلا رجلاً صعلوكاً حافياً عارياً أحول، أقبح خلق الله منظراً، اسمه أبو بكر لأن أباه كان غريباً استوطنها فسماه بذلك، فجاءوا به فشتمهم وقال: جئتموني بأقبح خلق الله تتنادرون علي وأمر بصفعهم: فقال له بعض ظرفائهم: أيها الأمير اصنع ما شئت فان هواء قم لا يجيء منه من اسمه أبو بكر أحسن صورة من هذا. فغلبه الضحك وعفا عنهم.)
وقم تلي المشهد الرضوي بين مزارات الشيعة في إيران، بها حرم السيدة فاطمة بنت موسى الكاظم وأخت علي الرضا، ولذلك دفن فيها كثير من العلماء والصالحين والملوك. وقد روي الشيعة فيها عن جعفر الصادق: ألا إن الله حرماً وهو مكة. ألا إن لرسول الله حرماً وهو المدينة. ألا إن لأمير المؤمنين حرماً وهو الكوفة، ألا إن حرمي وحرم ولدي من بعدي قم. ألا إن قم الكوفة الصغيرة. ألا إن للجنة ثمانية أبواب ثلاثة منها إلى قم (تقضي فيها امرأة هي من ولدي واسمها فاطمة بنت موسى. ويدخل بشفاعتها شيعتي الجنة بأجمعهم) اهـ
لما اقتربنا من المدينة رأينا قبة المعصومة أخت الرضا تبص في الهواء في حلتها الذهبية. ولما دخلنا المدينة على مخفر الشرطة فرأوا جوازات السفر. وقال سائق السيارة لشرطي، هذان من المستشرقين يريدان زيارة الحرم فاصحبهما. فسار الشرطي أمامنا في رحبة