في هذين أقوى من الرجل؛ وإنما ذاك هو النقصُ في المعاني الشديدة التي لا يكمل الدينُ إلا بها؛ معاني الجوع من نعيم الدنيا وزينتها، وامتداد العين إليها واستشرافِ النفس لها؛ فان المرأة في هذا اقل من الرجل. وهي لهذه العلة ما برحت تُؤْثِرُ دائماً جمالَ الظاهر وزينته في الرجال والأشياء دون النظر إلى ما وراء ذلك من حقيقة المنفعة
قال أبو معاوية: وأريتها أني جائع فهشمتُ نهشَ الأعرابي كيلا تفطنَ إلى ما أردتُ من زَعْم الجوع، ثم أحببتُ أن أستدعيَ كلامَها وأستميلها لأن تضحك وتسر، فأغير بذلك ما في نفسها فيجد كلامي إلى نفسي مذهباً. فقلت يا أم محمد: قد تحرمتُ بطعامك ووجب حقي عليك، فأشيري علي برأيك فيما أستصلحُ به زوجتي فانها غاضبة علي وهي تقول لي: والله ما يقيم الفأر في بيتك ' لا لحب الوطن. . . وإلا فهو يسترزقُ من بيوت الجيران
قالت: وقد أعْدَمتْ حتى من كِسَر الخبز والجزر المسلوق؟ الله منك! لقد أستأصلها من جذورها؛ إن في أمراض النساء الحمُى التي أسمُها الحمى التي اسمها الزوج. . . .
فقلت: الله الله يا أم محمد؛ لقد أيسَرتِ بعدنا حتى كأن الخبز والجزر المسلوق شيءٌ قليل عندك من فَرْط ما يتيسر؛ أو ما علمت أن رزق الصالحين كالصالحين أنفسهم، يصومُ عن أصحابه اليومَ واليومين. . . . . . وكأنك ما سمعتِ شيئاً من أخبار أمهات المؤمنين أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونساءِ أصحابه رضوان الله عليهم، فما امرأة مسلمةٍ لا تكون بأدبها وخُلقها الإسلامي كأنها بنتُ إحدى أمهات المؤمنين؟
أفرأيتِ لو كنتِ فاطمةَ بنت محمد صلى الله عليه وسلم؛ أفكان ينقلك هذا إلى أحسن مما أنتِ فيه من العيش؛ وهل كانت فاطمةُ بنتَ ملكٍ تعيشُ في أحلام نفسها أو بنت بني تعيش في حقائق نفسها العظيمة؟
تقولين إنني استأصلتُ أم معاوية من جذورها؛ غما أم معاوية وما جذورُها؟ أهي خيرٌ من أسماء بنت أبي بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قالت عن زوجها البطل العظيم: فُرَسِه وناضجة فكنت أعْلفُ فرسَه وأكفيه مؤنتَه وأسُوسُه، وأدقُّ النوى لناضحه وأعلفُه، وأستقي الماء وأخرزُ غَرَبه وأعجن؛ وكنت أنقلُ النوى على رأسي من ثُلُثي فرسخ حتى أرسل إلى أبو بكر بجارية فكفتني سياسة الفرس فكأنما أعتقني
هكذا ينبغي لنساء المسلمين في الصبر والأباء والقوة والكبرياء بالنفس على الحياة كائنةً ما