كانت، والرضى والقناعة ومؤازرة الزوج وطاعته واعتبار مالَهن هند الله لا مالَهن عند الرجل، وبذلك يرتفعْنَ على نساء الملوك في أنفسهن، وتكون المرأة منهن وما في دارها شيء، وعندها أن في دارها الجنة. وهل الإسلام إلا هذه الروحُ السماويةُ التي لا تهزمها الأرض أبداً ولا تُذلها أبداً ما دام يأسها وطعمها معلقين بأعمال النفس في الدنيا لا بشهوات الجحيم من الدنيا؟
هل الرجلُ المسلم الصحيحُ الإسلام إلا مثلُ الرب يثورُ حولها غبارها ويكون معها الشظفُ والبأسُ والقوةُ والاحتمالُ والصبر، إذ كان مفروضاً على المسلم أن يكون القوة الانسانية لا الضعف، وأن يكون اليقينَ الانساني لا الشك، وأن يكون الحق في هذه الحياة لا الباطل؟
وهل امرأةُ المسلم إلا تلك المفروض عليها أن تمد هذه الحرب بأبطالها وعَتَادِ أبطالها وأخلاقِ أبطالها ثم ألا تكون دائماً إلا من وراء أبطالها؟ وكيف تلد البطل إذا كان في أخلاقها الضعةُ والمطامعُ الذليلةُ والضجرُ والكسلُ والبلادة؟ ألا إن المرأة كالدار المبنية لا يَسهُلُ تغييرُ حدودها إلا إذا كانت خَرابا
فاعترضته امرأة الشيخ وقالت: وهل بأسٌ بالدار إذا وسعتْ حدودها من ضيق، أتكون الدار في هذا إلى نقصها او تمامها؟
قال أبو معاوية: فكدُت أنقطعُ في يدها، وأحببتُ أن أمضي في استمالتها فتركتُها هنيهةً ظافرةً بي وأريتها أنها شدتني وثاقاً، وأطرقت كالمفكر. ثم قلت لها: إنما أحدثك عن أم معاوية لأبي معاوية؛ وتلك دارٌ لا تمل غير أحجارها وارضها فبأي شيء تتسع؟
زعموا أنه كان رجل عامل يملك دُوَيرةً قد التصقت بها مساكنُ جيرانه وكانت له زوجةٌ حمقاء ما تزال ضيقةَ النفس بالدار وصغرها كأن في البناء بناء حول قلبها؛ وكانا فقيرين كأم معاوية وأبي معاوية؛ فقالت له يوماً: أيها الرجل ألا توسع دارك هذه ليعلم الناس أنك أيسرت وذهب عنك الضر والفقر؟ قال: فبماذا أوسعها وما أملك شيئاً، أأُمسك بيميني حائطاً وبشمالي حائطاً فأمدهما أُباعِدُ بينهما. . . . . وهبيني ملكتُ التوسعةَ ونفقتها فكيف لي بدور الجيران وهي ملاصقةٌ لنا بَيْتَ بَيت؟
قالت الحمقاء: فاننا لا نريد إلا أن يَتَعالم الناسُ أننا أيسرنا؛ فاهدم أنت الدار فانهم سيقولون لولا أنهم وجدوا واتسعوا وأصبح المال في يدهم لما هدموا. . . . . .