ذكره. أما الحج ورسومه فيحمل عليها الداعي بشدة، ويصفها بأنها (من ضروب الجنون) وليس أدل على ذلك من أن قائم الزمان (الحاكم) قد قطع الحج والكسوة لنبوية، أعواماً طويلة؛ ومعنى الحج في الحقيقة والباطن (هو توحيد مولانا). وأما ترك الحاكم للصلاة والنحر (في عيد الأضحى) فهو تحليل ذلك للعباد، وقد أبطل الحاكم صلاة العيد وصلاة الجمعة بالجامع الأزهر، واسقط الزكاة، ومعنى ذلك أنه يحل للعباد (عباده) أن يقتدوا به في ذلك (إذ كان إليه المنتهى، ومنه الابتداء في جميع الأمور)
ويؤرخ الداعي هذا القسم الأول، وهو القسم التمهيدي من كتابه بشهر صفر ثمان وأربعمائة من الهجرة (٤٠٨هـ)؛ ويقول لنا إن هذه السنة (هي أول سنين ظهور عبد مولانا ومملوكه، هادي المستجيبين، المنتقم بسيف مولانا جل ذكره. . . . الخ)، ومعنى ذلك أن حمزة بن علي كان ينتحلها بعد ذلك صراحة. وهو يرجع بدء رسالته إلى هذا التاريخ؛ ثم يقول لنا في خاتمة رسالته الأولى المسماة (بدء التوحيد لدعوة الحق)، إن سنة ٤٠٨هـ أيضاً (أول سنين قائم الزمان) أعني بدء الزعم (بألوهية) الحاكم بأمر الله، على يد هذا الداعي. وقد كان من قبل ثمة دعاة آخرون روجوا لهذا الزعم كما قدمنا؛ والظاهر أن حمزة هو آخر من ظهر من حشد أولئك الملاحدة في عصر الحاكم، لأن الحاكم لم يطل أمد حكمه بعد ذلك سوى ثلاثة أعوام وبضعة أشهر، وكان مصرعه في شوال سنة ٤١١هـ في ظروف غامضة، اتخذها الدعاة مستقي جديداً للزعم والإرجاف
ثم تأتي بعد ذلك الرسائل الثمان؛ والأولى هي (بدء التوحيد لدعوة الحق) وفيها يدعو حمزة إلى (ألوهية) الحاكم، ويحاول أن يبرر إبطاله لأحكام الشريعة بأن محمداً (ص) قد نسخ كل الشرائع السابقة، فكذلك ينسخ الحاكم شريعة محمد وينشئ له شريعة خاصة. وفي الرسالة الثانية وهي (ميثاق النساء) يتحدث الداعي عن واجبات النساء في الطاعة والتوحيد والبعد عن الفساد والدنس، وألا يشغلن قلوبهن بغير توحيد (مولانا) وأن يكن صادقات وفيات في طاعته، وأن يتركن ما كن عليه من قبل، وفي الرسالة الثالثة وهي (رسالة البلاغ والنهاية في التوحيد) يوصي الداعي بعبادة الحاكم، والإقرار بوحدته، ويقول إنه رفعها بنفسه إلى (الحضرة اللاهوتية)، في شهر المحرم الثاني من سنيه المباركة (المحرم سنة ٤٠٩)، وأنها نسخت عن خط قائم الزمان بغير تخريف ولا تبديل؛ وفي هذه العبارة ما يستوقف النظر؛