للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إلى داره. . . .

- لقد كان حسنا من الإمام أن يجمع قلوب الشباب حوله ويتدخل بالنصح في أمورهم الخاصة.

- لم يكن الأمر في التعميم والإطلاق على ما فهمت، فقد كان الشيخ في علاقته بالناس على انقباض وتحفظ والشباب أنفسهم هم الذين سعوا إليه والتفتوا حواليه لأنه كان بطبعه رجل ثورة، ولأن اتصاله بصالون نازلي هانم ومصطفى فهمي وكرومر أوهن أسبابه بالقصر وأيبس ما بينه وبين الخديوي، ولأنه كان يدعو إلى الإصلاح والتجديد فكان قريباً بنزعته إلى هوى الشبان، ولأنه كان ينتدب في كل عام لامتحان طلاب الحقوق المنتهين وقد اتصلت به معرفتي بسبب ذلك الامتحان نفسه. . .

- شت!! فكف الكلب المطيع عن النباح وكان ينبح شيئا أو شخصا خارج السور.

- فجاء الكلب الوديع حتى دنا من سيده.

- فانتبذ مكانا قريبا ونام.

ثم عاد الأستاذ إلى حديثه يقول: اقترحوا علينا في امتحان الإنشاء أن نكتب في هذا الموضوع: كيف كان للحكومة حق عقاب المجرم؟ وجعلوا زمن الإجابة أربع ساعات على ما أظن. فكتبت المذاهب الأربعة التي قررها العلماء في هذه المسألة ثم عقبت عليها ففندتها ونفيت أن يكون للحكومة على أي شكل من أشكالها (حق) عقاب المجرم لأنها قائمة على القوة لا على الحق. وأسرفت في التدليل على ذلك حتى ملأت الكراسة ثم خرجت فذكرت لرفاقي ما أجبت به فاضطربوا واكتأبوا وقرروا جميعاً أني لا محالة راسب، ثم اشتد من جانبهم اللوم والتقريع حتى ذهب من نفسي كل أمل في النجاح فلما كان يوم الامتحان الشفهي وقف الشيخ فقرظ موضوعي وكان قد وضع الدرجة النهائية، ولكنه نصح لي أن اقتصد الآن في هذه الآراء إشفاقا علي.

وكم للشباب من شطط في الآراء.

زرت الشيخ بعد ذلك في جهة شارع الشيخ عبد الله نائبا عن فريق من الطلبة التمس منه أن يقرأ لنا درساً في التفسير بمسجد الفتح على مقربة من مدرسة الحقوق، فأجاب الملتمس وانضم إلينا طلبة من دار العلوم فكنا بين الثلاثين والأربعين. وهنالك قويت الصلة بيني

<<  <  ج:
ص:  >  >>