لم أكن من جناتها علم الل ... هـ وإني بحرها اليوم صالي
فأحضر له غلامه النعامة وهي فرس له، فركبها وخرج يدعو العشائر للقتال فلبته يشكر، وعجل، وبنو حنيفة، وبنو قيس بن ثعلبة، وسادتهم، وسار في القوم الفند الزماني وكان يقوم بألف رجل، وترأس القوم الحرث بن همام البكري
ولما اجتمع القوم وقف الحرث بن عباد خطيباً فاعتذر لهم عن نفسه وعن الفند الزماني فيما كان منهما من إحجام عن خوض هذه اللجة التي طغت على القوم فأصبحوا فيها مغرقين وقال أنه والفند قد استمسكا بالصبر والأناة حتى لم يعد في قوس الصبر منزع، والمهلهل قد أسرف في سفك الدماء جاوز حد الفداء، ولم يحتسب لنا قعودنا عن حربه وقد ناصبه قومنا العداء، وها هوذا قد قتل بجيراً ولدي وإني لأشهدكم - علم الله - على أنني حين بلغت مقتل بجير طابت نفسي واطمأنت ظناً بأن المهلهل سيجد في قتله غناء عن الحرب وكفاء للفدية، ولكنني أسرفت في الظن الجميل، وأسرف المهلهل في التنكيل، فالسكوت بعد اليوم لا يزكو بالحر، ولا يبرره عذر، يا قوم! لا أدعوكم للقتال انتقاماً لعزة ديثت بالصفار، ودماء جرت كالأنهار، ودفعاً للمذلة والعار. . . . . . .)
ثم نظر إلى الحرث بن همام البكري وقال له (وأنت يا ابن همام هل أنت مطيعي فيما آمرك به؟ قال: (ما أنا بتارك رأيك إلى ما هو شر منه) قال: (أعلم أن القوم مستقلون لقومك في السلم وازدادوا جرأة في الحرب فلنقاتلهم بالنساء فضلاً عن الرجال)
قال:(وكيف قتال النساء؟) قال: (تعمدون إلى كل امرأة لها جلد ونفس، فتعطى كل واحد منهن اداوة وهراوة، فإذا صفقت أصحابك فصفهن خلفهم فان ذلك مما يزيد الرجال جلداً وشدة ونشاطاً، ثم تعلموا بعلامة تعرفها نساؤكم فإذا خرج منكم إنسان في القتال أمرن بسقيه، وإذا مررن من عدوكم بإنسان ضربته بالهراوة فقتلنه) وفعل الحرث بن همام ما أمر به الحرث بن عباد.
وكان هو أول من أشار بحشد النساء مع الرجال. وحلقوا رؤسهم علامة بينهم وبين النساء. وسمي هذا اليوم يوم (تحلاق اللمم)
وخرج النساء من دورهن أسراباً محتشدات، وفي يد كل واحدة اداوة وهراوة، ووقفت