على ذوائب الغوطة الفيحاء، وما دخلت دمشق قط إلا خفق قلبي لها سروراً وحباً
أوينا إلى فندق أمية يحببه إليناهذا الاسم العربي، ولبثنا به يومين، ووجدنا خدام المائدة هناك من النوبيين فرحبوا بنا وبالغوا في إكرامنا
وهنا لطيفة أضن بها على الترك: جلست أنا ورفيقي الأستاذ العبادي للإفطار، فلما قدمت إليناألوان الطعام طاف بنا طائف من الشعر، فقال الأستاذ:
وقوم في أمية نازلينا ... من العسل المصفى يشربونا
فقلت:
ولو علموا مكانتهم لكانوا ... بصحن بني أمية ينزلونا
قال ما صحن بني امية؟ قلت صحن الجامع الأموي. قال إن النزول به شرف. قلت هذا أردت. والله أعلم بذات الصدور
بادرنا بعد أن استرحنا إلى زيارة أستاذنا العلامة محمد كرد علي بك كما فعلنا حينما وردنا المدينة في طريقنا إلى طهران، ومن فاته مجلس الأستاذ كرد علي في داره المعمورة فقد فاته خير كثير. وكنا نعمنا المرة الأولى بليلة غوطية قمراء سمرنا بها مع الأستاذ والأمير مصطفى الشهابي والأستاذ خليل مردوم وهم كما قال الحريري
(في رفقة غذوا بلبان البيان، وسحبوا على سحبان ذيل النسيان، ما فيهم إلا من يحفظ عنه ولا يتحفظ منه، ويميل الرفيق إليه ولا يميل عنه)
ويوم الأربعاء زرنا الجامعة السورية، فإذا كلية الآداب قد ألغيت. ولقينا الأستاذ مدير الجامعة، فطاف بنا في حجرات الكيمياء والطب، ثم دعانا إلى غرفته فتحدثنا في الاصطلاحات العلمية وتوحيدها في البلاد العربية، ثم خرجنا شاكرين. وذهبنا إلى المتحف العربي لنرى الأمير جعفر الجزائري فإذا المتحف مغلق، وإذا المكتبة التي أمامه مغلقة
وهنا أقول إن دار المتحف العربي هي دار المدرسة العادلية لا دار الحديث الأشرفية، كما ذكرت خطأ في حديثي عن الشيخ الخالدي، وأنا أعترف بأن الغلط كان مني لا من الشيخ، وأنه نبهني إليه حينما قرأ المقال وهو بمصر. (وهذا لا يٌقل من شكري للأديب برهان الدين محمد الداغستاني الذي نبه إلى هذا الغلط في مقال بمجلة الرسالة)
وفي المساء ذهبنا إلى الصالحية فزرنا قبر الشيخ عبد الغني النابلسي ولم نكن زرناه،