قرأت في الرسالة السابعة والثمانين نبأ (عيد الربيع القومي في سورية) وأن (فريقاً كبيراً من طلبة الجامعة السورية والمدرسة التجارية والمدارس الثانوية العالية عقدوا اجتماعاً بحثوا فيه مشروع إقامة عيد قومي في الربيع وأطلقوا عليه اسم عيد الربيع القومي). فعجبت من نفسي! كيف أكون في صلب دمشق، وأكون أشد الناس صلة بمثل هذه المشروعات، ثم لا أسمع بهذا الخبر إلا من مصر. . . وإني لأصفح (الجزيرة) كل يوم يتفضل منشئها الفاضل فيبعث بها إلى. ولكن من طبعي أني لا آكل الجوز بقشره. . . وأني أتخير اللباب من كل شيء، ولذلك لم أقرأ هذا الخبر في الجزيرة). أما وقد نشر في (الرسالة) والرسالة ديوان العرب، وكتاب الشرق، فلم يبق من قراءته والتعليق عليه بد، كيلا يعلق منه شيء في نفوس القراء، ويبقى مخزاة خالدة لدمشق
والحق أن شيئاً مما قالوا لم يكن، وأن هذا الاجتماع لم يعقد إلا في رأس كاتب هذا الخبر، وأن لطلبة الجامعة السورية لجنة تنطق بلسانهم، وتنوب عنهم، ولم يدع واحد من أفرادها إلى اجتماع، ولم تدع هي أحداً إلى اجتماع لمثل هذا. . . ولها مشاغل وأعمال هي خير لهذه الأمة وأجدى عليها من تأليف مواكب (تمثل أزاهير دمشق). . . ورئيسها الشاب العالم الفاضل الشيخ معروف الدوالي رجل مسلم يكره أن يدخل بإخوانه (جحر الضب)!
(أما المدرسة التجارية (العليا)(؟) التي يقوم أحد طلابها برحلة إلى شمال سورية من أجل هذا المشروع!). فجماع أمرها أنها دار في طريق الصالحية استأجرها قنصل إيطاليا منذ شهور، وكتب على بابها (المدرسة التجارية) واشترى لها مدرساً أديباً كبيراً معروفاً. . . وذهب هذا وذاك ومن والاهما، يخطبون في الناس بلغة (الذهب الإيطالي. . . وفي الناس أناس عقولهم في جيوبهم، وبطون أكفهم، فاستجابوا لهم، وبعثوا بأبنائهم إلى المدرسة، فكان فيها أربعون طالباً، من أصل أربعمائة ألف، هم سكان دمشق وضواحيها!
وأما المدارس الثانوية في دمشق، فإن كبراها المدرسة التجهيزية، وأنا أعلم علم اليقين أنه ليس بين الألف من طلابها، طالب واحد يعلم من أمر هذا المشروع أكثر مما يعلم أي قارئ من قراء الرسالة
ودمشق أعقل بحمد الله من أن تسفل في التقليد إلى هذه الدركة، وإن دمشق لتعلم - إذا لم يكن من التقليد بد - أن في باريس شيئاً غير مواكب الزهر، هو الجيش الذي تستعرض