قال الصغير وما ذاك السليخ؟ إنه إن صح ما حدثتني به عن أمك، فهذه غنم الجنة، تبيت ترعى هناك ثم تجيء إلى الأرض مع الصبح، وإني لمترقب شمس الغد، لأذهب فأراها وأملأ عيني منها
قال: اسمع أيها الأبله! إن شمس الغد ستشعر بها من تحتك لا من فوقك. . .! لقد رأيت أخي مذ كنت جذعاً مثلك؛ ورأيت صاحبنا الذي كان يعلفه ويسمنه، قد أخذه، فاضطجعه، فجثم على صدره شراً من الذئب، وجاء بشفرة بيضاء لامعة، فجرها على حلقه، فإذا دمه يشخب ويتفجر، وجعل المسكين ينتفض ويدحص برجله، ثم سكن وبرد؛
فقام الرجل ففصل عنقه، ثم نخس في جلده ونفخه حتى تطبل وذرجع كالقربة التي رأيتها في القرية مملوءة ماء فحبستها أمك؛ ثم شق فيه شقاً طويلاً. ثم أدخل يده بين الجلد والصفاق، ثم كشطه وسحف الشحم عن جنبيه، فعاد المسكين أبيض لا جلد له ولا صوف عليه، ثم بقر بطنه وأخرج ما فيها، ثم حطم قوائمه، ثم شده فعلقه فصار سليخاً كغنم الجنة التي زعمت! وهذا - أيها الأبله - هو الذبح والسلخ!
قال الصغير: وما الذي أحدث هذا كله؟
قال: الشفرة البيضاء التي يسمونها السكين!
قال الصغير: فقد كانت الشفرة عن حلقه حيال فمه؛ فلماذا لم ينتزعها فيأكلها؟
قال الكبش: أيها الأبله الذي لا يعلم شيئاً ولا يحفظ شيئاً، لو كانت خضراء لأكلها!
قال: وما خطب أن تجيء الشفرة على العنق، أفلم يكن الحبل في عنقك أنت فجعلت تجاذب فيه الرجل حتى أعييته، ولولا أني مشيت أمامك لما انقدت له؟
قال الكبش: ما أدري كيف أفهمك إن هذا كله سيجري عليك، فسترى أموراً تنكرها، فتعرف ما الذبح والسلخ، ثم تصير أشلاء في القدور تضرم عليها النار، فيأكلك ابن آدم كما تأكل أنت هذا الكلأ. . .!
قال الصغير: وماذا علي أن يأكلني ابن آدم، ألا تراني آكل العشب، فهل سمعت عوداً منه يقول: الرجل والسكين، والذبح والسلخ. . .؟
قال الكبش في نفسه: لعمري إن قوة الشباب في الشباب أقوى من حكمة الشيوخ في الشيوخ، وما نفع الحكمة إذا لم تكن إلا رأياً ليس له ما يمضيه، كرأي الشيخ الفاني؛ يرى