آخر ينكر عليهم هذه الدعوة ويرى أنهم أدعياء لا يمتون بأية صلة إلى علي، وأنهم إنما استتروا بالتشيع والإمامة ليكسبوا عطف العالم الإسلامي. ويرجع هذا الفريق المنكر نسبة الفاطميين إلى عبد الله بن ميمون القداح بن ديصان البوني، وهو فقيه وافر الذكاء والمعرفة من الأهواز يرجع إلى أصل مجوسي، وداعية من أعظم الدعاة السريين الذين عرفهم التاريخ؛ وقد كان يدعو سراً إلى مذهب فلسفي إلحادي لإنكار الأديان والنبوة ساغه في سبع دعوات سرية ينتهي الداخل فيها إلى إنكار جميع العقائد والشرائع، ومنها استمدت دعوة القرامطة وبعثت ثورتهم الإباحية المروعة؛ وكان يستتر بالتشيع ويدعو لإمام من آل البيت هو محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق من ولد الحسين بن علي؛ فلما توفي قام بدعوته السرية ولده أحمد، ومن بعد أحمد ولده الحسين فأخوه سعيد؛ واستقر سعيد بسلمية من أعمال حمص واستمر في نشر الدعوة وبث الدعاة حتى استفحل أمره وأمر دعوته، وحاول الخليفة المكتفي بالله أن يقبض عليه وأن يخمد دعوته ففر إلى المغرب؛ وبشر له هناك دعاته وقاتلوا من أجله حتى ظفر بملك الأغالبة وتلقب بعبيد الله المهدي، وادعى أنه من آل البيت وانتحل إمامتهم. ويقدم إلينا فريق آخر من المنكرين عن أصل عبيد الله رواية خلاصتها أن الحسين حفيد عبد الله بن ميمون هو الذي استقر بسلمية، وكانت له زوجة يهودية رائعة الحسن تزوجها بعد أن مات عنها زوجها الأول وهو يهودي ولها منه ولد فائق الذكاء والظرف، فتبناه الحسين وعلمه وأدبه ولقنه أسرار الدعوة، وتقدم إلى أصحابه بخدمته وطاعته، وزعمأنه هو الإمام، وهو الوصي؛ وانتحل له نسباً في ولد علي، فكان هو عبيد الله المهدي. وهنالك أيضاً من يقول إن عبيد الله هو ولد الحسين من زوجه اليهودية؛ وهنالك روايات وتفاصيل أخرى لا يتسع لها المقام
وهذا الجدل حول نسب الفاطميين، والطعن فيه وفي شرعية إمامتهم ومبادئهم يشغل فراغاً كبيراً في الكتب المذهبية؛ ونحن ممن يميل إلى الأخذ برواية المنكرين، ولا نجد في تدليل المؤيدين وشروحهم ما يلقي ضياء مقنعاً؛ وكان هذا الطعن سلاحاً في يد الدولة العباسية تشهره للنيل من الفاطميين وتشويه سمعتهم في العالم الإسلامي؛ وقد اتخذ قبل بعيد صبعة سياسية رسمية؛ ففي سنة ٤٠٢ هـ في عهد الخليفة القادر بالله، أصدر بلاط بغداد محضراً رسمياً موقعاً عليه من كبار الفقهاء والقضاة، وبعض زعماء الشيعة، يتضمن الطعن في