انطلق أبوللو في إثر دفنيه المذعورة يبكي ويتذلل، ويحاول اللحاق بها. . . ولكن هيهات! لقد كانت تمعن في الهرب، كلما جد هو في الطلب؛ ولقد كانت تنظر إليه كأنه قاتل أبيها. . . وخانق أمها!. .
وصاح أبوللو ضارعا:(دفنيه أيتها العزيزة! قفي أرجوك! تمهلي أتوسل إليك! الشوك يجرح قدميك المعبودتين يا دفنيه! أوه! رويدك يا حبيبة! لا تنطلقي هكذا فقد يؤذيك اندفاعك! فيم أنت مذعورة هكذا؟ قفي؛ فأنا أبوللو. . . قفي!. .)
ولكن دفنيه لا تجيب إلا بنظرة القنص، ولفتة الواجف المراش، وتجد في الهرب. . فيقول ابوللو:(قفي يا دفنيه! قفي ولك نصف ملكي! بل لك الشمس كلها إذا وقفت! أنا رب الموسيقى سأغني وأصدح لك! سأطربك بقيثارتي الذهبية بعد أن أغسل لك قدميك في كل ليلة (!!)، سأطير بك في أرجاء السموات! ستكون لك القصور في جنة الأولمب! سأمنحك الخلود يا دفنيه! أحبك! أستحلفك بزيوس إلا ما وقفت! مالك هيمانة على وجهك هكذا؟ هل أخيفك؟ هل أزعجك إلى هذا الحد؟. . . ويلاه!)
ولا تبالي دفنيه، بل تعدو وتعدو. . .
ويضيق أبوللو بغصته ذرعا، فيلجأ إلى جبروت الإلهة، ويبدى سلطان السماء! ويصيح صيحة هائلة، فيكون سد منيع في طريقه دفنيه!
فيقول أبوللو وقلبه يضطرب من طول الإعياء:(فيم تهربين منى يا دفنيه! ألم تعبديني مرة وتقدمي الضحايا باسمي إلى كهنة الهيكل؟: هأنذا أبوللو المعبود، أرجوك وأتوسل إليك! ماذا تريدين بعد هذا؟ لقد بلغت من أبوللو منزلة لم تبلغها ربة من قبل! لقد فضلتك على كليمين، زوجتي المعبودة، وأجمل عرائس البحر، وأم طفلي المحبوب فيتون!! فيتون أسرع الإلهة بعد أخي هرمز، سآمره يكون خادما لك! إنه يقتني أغلى المركبات، ولديه من الصافنات الجياد أغلاها؛ ستركبين معه فتطوفين العالم في ساعتين، وترين ما بين الشرق والغرب في لمحتين، لو رضيت! دفنيه! أرجوك يا دفنيه! إنني أبدا ما بكيت بمثل ما أبكي لك، وأذرف الدمع بين يديك! حنانيك يا دفنيه فقد سحقت قلبي بكبريائك، وأذللت نفسي بخيلائك!)
وكان فعل السهم الرصاصي في قلب دفنيه قد خف، ووقفت الغادة حائرة مترددة مما تسمع، وكانت عيناها ثرتين بعبرات حبيسة. ولكن كيوبيد المختبئ في عساليج الكروم القريبة كان