لفتكوا بالفرس والنصارى وشربوا دماءهم، فان النفوس فائرة، والصدور مضطرمة، ولكنهم يكبحون أنفسهم ويحملون عليها ويردونها على مكروهها احتراماً لأمير المؤمنين وانتظاراً لما يفعل، شفاه الله وعافاه.
بل هذا هو رأي أمير المؤمنين نفسه، فقد اجتمع إلى جلالته في داره بعد أن حمل إليها، المهاجرون والأنصار، فقال لابن عباس وكان معه:
(أخرج إليهم فاسألهم أعن ملأ منهم ومشورة كان هذا الذي أصابني؟)
فعاد إليه ابن عباس يقول إن القوم يقولون (لا والله، ولوددنا أن زاد الله في عمرك من أعمارنا).
فقال جلالته: (إذن أبرق إلى العراق وفارس وأنبئ العمال بما كان، وحذرهم أن ينتقض الناس على غرة منهم، فما يدريني ويدريك، لعله تدبير من هناك.)
وقد أرسلت البرقيات اللاسلكية إلى عمال الأمصار بالاستعداد لكل طارئ فلا خوف من هذه الناحية فان قوتنا كافية لقمع ما عسى أن ينجم من الفتن.)
وعند مثول هذا الملحق للطبع أبلغنا مندوبنا ما يأتي تليفونياً:
عرفتم أن المجرم أبا لؤلؤة عليه لعنة الله وملائكته، أصاب ثلاثة عشر من المصلين بخنجره، كانوا يحاولون القبض عليه وانتزع الخنجر منه، فالآن أقول إن سبعة منهم كانت جراحهم خطيرة، فتوفوا من النزف، وسيجهزون للدفن وتشيع جنازتهم بعد صلاة العصر باحتفال كبير يمشي فيه المهاجرون والأنصار والبدريون، وقد أمر جلالة الخليفة بأن ينوب عنه في تشييع الجنازة، صهيب.
أما الستة الآخرون فجراحهم خفيفة، وقد بعث إليهم جلالة الخليفة بابنه عبد الله بن عمر ليعودوهم ويستفسر عن حالهم، فشكروا له هذا العطف السامي ودعوا الله أن يعجل بشفائه
هذا وقد فحص الطبيب الشرعي الخنجر فتبين أنه مسموم فلا حول ولا قوة إلا بالله
وأذيعت نشرة طبية موجزة جاء فيها أن الإصابات ست في الكتف والخاصرة والظهر، وإن النزف منها شديد، وقد سقى جلالته لبناً فخرج من إحدى الطعنات أبيض كما هو، فنصح الطبيب لجلالته بأن يعهد، تولانا الله برحمته.
صدر العدد التالي من (يثرب) مجللاً بالسواد، وفيه نعت أمير المؤمنين إلى العالم