الإسلامي، ورثته رثاء طويلاً، ولخصت سيرته في الجاهلية والإسلام، ولا نحتاج أن ننقل من هذا شيئاً فإنه معروف، ووصفت تجهيزه للدفن، وتشييع جنازته والصلاة عليه بالمسجد، وحمله على سرير رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودفنه معه إلى جانب أبي بكر الصديق، وسردت أسماء المشيعين من الأنصار والمهاجرين وغيرهم، وروت فيما روت أن علياً وعثمان تقدما للصلاة عليه فردهما ابنه عبد الرحمن وقال منكراً عليهما ذلك:(لا إله إلا الله! ما أحرصكما على الإمرة! أما علمتما أن أمير المؤمنين قال ليصل بالناس صهيب؟) وأثبتت تصريحاته قبل موته، لابن عباس، ووصيته لمن يخلفه، وقالت إنه دفع بها إلى ابنه عبد الله وقال له:(إذا اجتمع الناس على رجل - أي أمير المؤمنين - فادفع إليه هذا الكتاب وأقرئه مني السلام). وما أمر به في اختيار خليفته، وما أوصى به أبا طلحة الانصاري والمقداد بن الأسود، وكل هذا مشهور فلا داعي لنقله.
ولكن حادثاً وقع بعد ذلك، تعد (يثرب) مسئولة عنه، فقد ذهب إلى أن قتل عمر كان عن تآمر من جفينة النصراني والهرمزان الفارسي، وأنهما هما اللذان أغريا أبا لؤلؤة بقتله، وروت ما شهد به عبد الرحمن بن أبي بكر وغيره في ذلك، وأيدت ذلك بالدليل العقلي، فهاج عبد الله بن عمر، ومضى إلى ابنة أبي لؤلؤة فقتلها، ثم إلى جفينة والهرمزان فألحقهما بها، انتقاماً لأبيه؛ ولم يكن الذين وكل إليهم التشاور في أمر الخلافة قد فرغوا، فبعث صهيب عمرو بن العاص إلى عبد الله، وكان عمرو داهية، فلم يزل يحاوره ويداوره ويمسح منه في الذروة والغارب حتى سكنت نفسه، فأخذ منه سيفه، ثم جاء سعد بن أبي وقاص فقبض عليه وحبسه في داره.
ولما تولى عثمان بن عفان الخلافة، استشار أصحابه في أمر عبد الله بن عمر، فأشار بعضهم بقتله فيمن قتل، ولكن آخرين استنكروا أن يقتل الأب أمس ويقتل الابن اليوم، ووجد عمرو بن العاص مخرجاً من هذه الورطة، فقال لعثمان:
(يا أمير المؤمنين، إن الله قد أعفاك أن يكون هذا الحدث كان، ولك على المسلمين سلطان، إنما كان هذا الحدث ولا سلطان لك).
أي قبل أن تكون خليفة، فمال عثمان إلى الرأفة، ورفض رأي علي بن أبي طالب، وكان يذهب إلى قتل عبد الله بن عمر، وقال عثمان: (أنا وليهم، وقد جعلتها دية واحتملتها في