ومن المعروف أن صناعة الخزف ذي البريق الذهبي قد ارتقت في أسبانيا رقياً عظيماً، فكانت مصانعها تشتغل لحساب كثير من البابوات والكرادلة والأسرات النبيلة في أسبانيا والبرتغال وإيطاليا وفرنسا، ويرون أن الكردينال اكسيمينز قال عن هؤلاء الصناع (الكفرة): (ينقصهم إيماننا وتنقصنا صناعاتهم).
وقد ظلت صناعة الخزف الأسباني العربي - في الأندلس حتى القرن السادس عشر، وتعلمها الإيطاليون في القرن الخامس عشر، فتأثروا في الصناعة والزخارف والأشكال بما كانوا يستوردونه من أسبانيا، وأصبح أنموذجاً للصناع في وو وأطلق على هذه المصنوعات اسم مايولكا نسبة إلى جزيرة مايوركا من جزائر البليار الأسبانية
هذا وقد وصل إلى الفنون الغربية من إيران وتركيا رسوم بعض الزهور التي لم تكن معروفة فيها حينئذ إلا بفضل رسومها على الخزف الإسلامي الوارد من الشرق الأدنى منذ القرن الرابع عشر.
ولم يكن أثر صناعة المعادن الإسلامية في أوروبا بأقل من أثر صناعة الخزف؛ ولن يستغرب ذلك من يعرف ما وصلت إليه هذه الصناعة من التقدم في عصر الفاطميين والمماليك ومن قرأ ما دونه القريزي عن كنوز المستنصر بالله.
ومما أخذ الأوربيون عن الشرق الإسلامي الاسطرلاب، وهو آلة فلكية لقياس بعد الكواكب. اخترعها الإغريق وحسنها بطليموس الجغرافي ثم علماء الفلك من المسلمين، حتى أخذها عنهم علماء الغرب في القرن العاشر. وفي المتحف البريطاني أقدم إسطرلاب عليه تاريخ صنعه أحمد ومحمود ابنا إبراهيم الإسطرلابي الأصفهاني سنة ١٢٦٠ - وقد ظل البحارة يستخدمون الإسطرلاب في مراقبة الجو وشؤون الملاحة، حتى خلفته اختراعات أخرى في القرن السابع عشر.
وقد كان للأوربيين في القرون الوسطى نوع من أواني المياه كانوا يستعملونه في غسل أيديهم قبل الأكل وبعده، وأطلقوا عليه اسم ولا ريب أن صناعته متأثرة بما كان عند المسلمين من أوان مماثلة على شكل طيور أو حيوانات من البرونز والنحاس، ولعل أحسن مثل مكبر لتلك الأواني - وإن كان عظم حجمه يفرقه عنها - هو ذلك العقاب النحاسي الكبير المحفوظ الآن بالكامبو سانتو بمدينة بيزا في إيطاليا، والذي يظن أنه من عصر