الفاطميين بدليل ما عليه من نقوش كوفية وزخارف هندسية، وصور حيوانات، وليس معروفاً من الذي نقله إلى إيطاليا، ولا في أي المناسبات كان ذلك.
وقد صنع المسلمون الثريات والأواني والصناديق والكراسي والتنانير والمباخر من النحاس المكفت بالفضة والمذهب، وكثر الإقبال على هذه التحف في أوروبا، وخاصة بعد أن عظمت تجارة الجمهوريات الإيطالية في الشرق منذ الحروب الصليبية، وبلغت أوج عزها في القرن الخامس عشر.
والواقع أن اضمحلال هذه الصناعة بدأ في الشرق منذ القرن الخامس عشر بعد ظهور المغول وغارة تيمورلنك على دمشق سنة ١٤٠١، ولكن المدن الإيطالية وخاصة البندقية ورثتها عن الشرق؛ وظهرت في المدينة الأخيرة مدرسة من رجال الفن عملت على التوفيق بين ذوق الغربيين في عصر النهضة، وبين الصناعة والزخارف الإسلامية. ومن المعروف أن صناعاً من الشرق اشتغلوا بصناعات أجدادهم في البندقية وجنوه وبيزا وفلورنسا. وفي المتاحف والمجموعات الأثرية أمثلة كثيرة من التحف الفنية النفيسة المصنوعة في إيطاليا في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، والتي تشهد بحسن الذوق وجمال الزخرف ودقة الصناعة. هذا ولا يفوتنا الإشارة إلى ما في اللغة الإيطالية وغيرها من اللغات الأوربية من الألفاظ الاصطلاحية المنسوبة إلى المدن الإسلامية في صناعة المعادن كدمشق وبلاد العجم. وكان لصناعة الزجاج المموه بالمينا شأن كبير عند المسلمين كما يتجلى من مجموعة المشكاوات النفيسة المحفوظة بدار الآثار العربية بالقاهرة، والتي يرجع عهدها إلى القرنين الرابع عشر والخامس عشر.
وقد تقدمت صناعة الزجاج في البندقية منذ القرن الثالث عشر تقدماً كبيراً، وبدأ البنادقة منذ القرن الخامس عشر يقلدون صناعة الزجاج عند المسلمين، فما لبثوا أن برعوا مثلهم في تمويه الزجاج بالمينا، وانتشرت هذه الصناعة من البندقية إلى غيرها من المدن الأوربية، وظهرت زخارف وطرز جديدة دون أن تزول القرابة بينها وبين النماذج الإسلامية الأولى.
أما أساليب المسلمين في نقش الخشب وزخرفته وتطعيمه، فقد ظهر تأثيرها في فنون البلاد الأوربية التي كان لها بالعرب اتصال مباشر كالأندلس وجنوب فرنسا وصقلية، ولكن هذا التأثير لم يكن كبيراً، لأن هذه البلاد لم تكن أحوالها الجوية تستدعي ما اضطر إليه